رافع وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، عن الإصلاحات السياسية التي تبنتها الجزائر، لدى عرضه تقرير الجزائر الثاني حول حقوق الإنسان بجنيف، ولقي ردود فعل ''مشيدة'' من قبل دول إفريقية ولاتينية، بينما سجلت دول غربية ملاحظات في جوانب عديدة. خفف أعضاء مجلس حقوق الإنسان الأممي من حدة تعاطيهم مع الملف الحقوقي في الجزائر، على ما درج عليه أعضاؤه في المرات السابقة، وأظهرت تدخلات ممثلي العديد من الدول، لدى عرض مدلسي، التقرير الدوري الثاني لحقوق الإنسان ,2012 ''ليونة'' في ملاحظاتهم حيال وضع حقوقي جزائري طغت عليه إصلاحات سياسية، تسوقها الجزائر في مشهد منفرد، غطى على جوانب حقوق الإنسان الأخرى، وإن كان الوزير مدلسي أثار في رده على ما سجله ممثلو بعض الدول، إسقاطات برنامج الإنعاش الاقتصادي 2010-,2014 على النواحي الاجتماعية، من خلال برنامج مليوني وحدة سكنية، أغلبها ''سكنات اجتماعية''، وتخصيص 14 ألف مرفق عمومي خاص بالشباب و70 هيئة عمومية لفائدة المعوقين. و''غازل'' مدلسي ممثلي دول، أغلبها إفريقية ومن أمريكا اللاتينية، ما أسموه بجهود الجزائر المتعلقة بالإصلاحات السياسية، بينما وإن لم يسر ممثلي الدول الكبرى في النهج ذاته، إلا أنهم خففوا من حدة ''تهجمات'' كانت الجزائر عرضة لها، وبدا واضحا أن تعاطي هذه الدول مع نتائج التشريعية ب''التبريكات'' كان لها أثر في نمط تعاطي مجلس حقوق الإنسان مع تقرير الجزائر، في الشق السياسي. وأثار ممثل كندا مسألة مدى سماح الحكومة الجزائرية ب''دخول رجال الدين المسيحيين إلى الجزائر''، لكنه لم يتعمق في ملف الحريات الدينية الذي أسال الكثير من الحبر، واستقطب توضيحات متوالية من وزير الشؤون الدينية بوعبد الله غلام الله. علما أن القضية أدرجتها الجزائر ضمن تقريرها المودع لدى المجلس الأممي، بالتفصيل. كما دعا ممثل كندا، الجزائر، إلى ''رفع القيود عن حرية التجمع''. وشدد ممثل كندا على وجوب ''تمكين المنظمات الحقوقية الدولية من زيارة السجون وأماكن الاحتجاز''، فيما شددت ألمانيا على الجزائر ''تبني اقتراح التوقيع على البروتوكول الإضافي الاختياري الأممي لمناهضة التعذيب''. أما ممثل اليونان فقال: ندعو الجزائر إلى احترام حقوق المرأة والالتزام بالعهود الدولية وتعزيز مشاركتها في الشؤون السياسية''، لكن هذا ''التشديد'' أعقبته ''إشادة'' من ممثلي لبنان وليبيا وإيطاليا، على خلفية قانون تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، أضاف إليه ممثل إيطاليا مباركة ''رفع حالة الطوارئ (فيفري2011)، وتجميد الجزائر تنفيذ عقوبة الإعدام''. غير أن ممثل ليبيا ختم إشادته (في موضوع المرأة وقوانين الإصلاح) بسؤال بدا ''مفخخا''، ومفاده: ما هي الجهود التي تبذلها الجزائر فيما يتعلق بملف الاتجار بالبشر؟ بما يحيل إلى انتقادات سبق لكتابة الدولة الأمريكية أن وجهتها للجزائر في تقريرها الأخير، ,2011 وتطلب ذلك ردا جزائريا يوضح ما بذلته الجزائر في الملف. ولم يخض أعضاء المجلس مطولا في قضية الاختفاءات القسرية التي كانت، على مدار السنوات الماضية، محل مفعول ''إدانة'' للجزائر، بينما قال مستشار الرئيس بوتفليقة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، رزاق بارة، الذي رافق مدلسي إلى جنيف، إن الجزائر متفاعلة مع الهيئة الأممية بخصوص الشكاوى التي تقدم من قبل الجمعيات الجزائرية، خاصة أهالي المفقودين، وسجل بخصوص المفقودين ما مفاده ''بعضهم مات وبعض الآخر يعيش في الخارج بهويات مزورة''. وقال مدلسي في الموضوع إن الجزائر ردت على أسئلة تخص مائة حالة، تتعلق بالاختفاءات القسرية والتعذيب. بينما ينتظر معرفة رأي المجلس الأممي لحقوق الإنسان في التقرير المضاد الذي أعدته المنظمات غير الحكومية في هذا الملف. في سياق متصل، أفاد مدلسي بأن السيدة نافانيتيم بيلاي، مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، ستزور الجزائر قريبا. وقال إنه سجل ''بارتياح'' موافقتها ''على أن تتم هذه الزيارة في أقرب الآجال''.