يتأهّب حجاجنا الميامين للسّفر إلى الحرمين الشّريفين لأداء مناسك الحجّ، قال الله سبحانه وتعالى: { وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} آل عمران 97. وقال تعالى: { وَأَتِمُّواْ الحجَّ وَالعُمْرَةَ لِلّهِ} البقرة 196. وقال عزّ وجلّ: { وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالحجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيق} الحج .27 بعدما تيسّرت الأسباب وتهيّأت الظروف والسُّبل للكثير منهم، تراهم يؤخّرونه وربّما يؤجّلونه إلى حين، لا تدري ماذا يحدث الله بعد ذلك، ألم تسمع قول سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدًا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصوم رمضان، وحجّ بيت الله لمَن استطاع إلى ذلك سبيلاً'' متفق عليه. فيجب على المستطيع المبادرة إلى الحج حتّى لا يأثم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ''تعجّلوا إلى الحجّ فإنّ أحدكم لا يدري ما يعرض له'' رواه أحمد. فالمبادرة والإسراع إلى أداء هذه الفريضة العظيمة واجبة، خاصة لمَن كانت أموره ميسّرة، فلا يقعدنك الشيطان ولا يأخذنك التّسويف ولا تلهينك الأماني، واسأل نفسك: إلى متَى وأنتَ تؤخّر الحجّ إلى العام القادم؟! وهل تدري أنّك ستكون من الأحياء العام القادم؟ تأمّل، رحمك الله، في حال الأجداد كيف كانوا يحجّون على أقدامهم، وهم يسيرون شهورًا وليال ليصلوا إلى بيت الله العتيق؟! عن عبد الرّحمن بن سابط يرفعه على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن مات ولم يحجّ حجّة الإسلام، لم يمنعه مرض حابس، أو سلطان جائر، أو حاجة ظاهرة، فليَمُت على أيّ حال، يهوديًا أو نصرانيًا''، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ''لقد هممتُ أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كلّ مَن كان له جدةٌ ولم يحجّ، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين'' رواه البيهقي. وفضل الحجّ عظيم وأجره جزيل، فهو يجمع بين عبادة بدنية ومادية، فالأولى بالمشقّة والتعب والنّصب والحل والتِّرحال، والثانية بالنّفقة الّتي ينفقها الحاج في ذلك، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة''. وسُئل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيّ الأعمال أفضل؟ قال: ''إيمان بالله ورسوله''، قيل: ثمّ ماذا؟ قال: ''جهاد في سبيل الله''، قيل: ثمّ ماذا؟ قال: ''حجّ مبرور'' رواه البخاري. وقد حثّ سيّدنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، على التزوّد من الطّاعات والمتابعة بين الحجّ والعمرة ''فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير الحديد والذهب والفضة، وليس للحجّ المبرور ثواب إلاّ الجنّة'' رواه الترمذي. وقال عليه الصّلاة والسّلام في حديث يُحرِّك المشاعر ويستحث الخطى: ''العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة'' رواه مسلم. وأبشر بيوم عظيم تُغفَر فيه الذنوب، فقد قال رسول الإنسانية صلّى الله عليه وسلّم: ''ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النّار من يوم عرفة'' رواه مسلم. فاستعد أخي الحاجّ للقاء الله عزّ وجلّ، واستثمر أوقاتك فيما يعود عليك بنفعها في الآخرة، فإنّها ستفرحك يوم لا ينفع مال ولا بنون. قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ''مَن حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمّه'' متفق عليه.