تستعد وفود الحجيج للسفر إلى أرض الحرمين الشّريفين لأداء مناسك الحج، بعدما حرص الكثير منهم على جمع دنانير سفرية العمر، اقتطعها من قوته طيلة سنوات عديدة حتّى جمع ما يعينه على أداء هذه الفريضة العظيمة. قال الله سبحانه وتعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} آل عمران .97 وقوله عزّ وجلّ: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الحج .27 وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''بُنِي الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصوم رمضان، وحجّ بيت الله لمَن استطاع إلى ذلك سبيلاً'' متفق عليه. يجب على المسلم المستطيع المبادرة إلى الحج حتّى لا يأثم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''تعجّلُوا إلى الحج فإنّ أحدكم لا يدري ما يعرض له'' رواه أحمد. وعن عبد الرحمن بن سابط يرفعه إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن مات ولم يحُجَّ حجّة الإسلام، لم يمنعه مرض حابس، أو سلطان جائر، أو حاجة ظاهرة، فلْيَمُت على أيِّ حال، يهودياً أو نصرانياً''. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ''لقد هممتُ أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كلّ مَن كان له جدةٌ ولم يحجّ، فيضربوا عليهم الجزية، ما هُم بمسلمين، ما هم بمسلمين'' رواه البيهقي. وإنّ فضل الحج عظيم وأجره جزيل، فهو يجمع بين عبادة بدنية ومادية، فالأولى بالمشقّة والتعب والنّصب والحِلّ والتِّرحال، والثانية بالنّفقة الّتي ينفقها الحاج في ذلك. قال صلّى الله عليه وسلّم: ''العُمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجُّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة''. وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رَجَعَ كيومِ ولدته أمُّه'' متفق عليه. وسُئِل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: ''إيمان بالله ورسوله''. قيل: ثمّ ماذا؟ قال: ''جهاد في سبيل الله''. قيل: ثمّ ماذا؟ قال: ''حجّ مبرور'' رواه البخاري. كما حثّ سيّدنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، على التزوُّد من الطاعات والمتابعة بين الحج والعمرة ''فإنّهما ينفيان الفقر والذُّنوب كما ينفي الكير الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة'' رواه الترمذي. ومع هذا الأجر العظيم، فإنّ أيّام الحج قليلة لا تتجاوز أسبوعاً للمقيمين في السعودية، وأربعة أيّام لأهل مكّة وما جاورها، وتتجاوز العشرة أيّام للقادمين من خارج المملكة العربية السعودية بعد أداء المناسك والزيارات. فاستعد للقاء الله عزّ وجلّ في هذا الموسم العظيم، واستثمر أوقاتك فيما يعود عليك نفعها في الآخرة، فإنّها ستفرحك يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأبْشِر فأنتَ من وفد الرّحمن، دَعَاهُم فأجابوا وسألوه فأعطاهم، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''ما مِنْ يومٍ أكثر مِنْ أن يعتق الله فيه عبداً من النّار من يوم عرفة'' رواه مسلم.