توقفت حركة القطارات، أمس، بمحطات العاصمة، بعد أن قرر السائقون الدخول في إضراب مفتوح سيتم تعميمه اليوم، بسبب إصدار المديرية العامة للسكك الحديدية قرارا بفصل زميل لهم من منصبه. وقد سادت عبر محطات العاصمة فوضى عارمة ومناوشات بين المسافرين العالقين وأعوان الأمن وموظفي الشبابيك، لأنّ الإضراب كان فجائيا ولم يسبقه إشعار. اتفق المسافرون العالقون بمحطات القطارات بالعاصمة، أمس، على عنوان واحد لوصف المعاناة التي تمخضت عن إضراب سائقي القطارات في عبارة ''بركات ملّينا''، فالأجواء التي وقفت عليها ''الخبر'' في زيارة ميدانية، كشفت حجم الضرر الذي لحق بالعديد من المسافرين جراء الإضراب الذي لم يكن في الحسبان، بسبب عدم تسبيقه من قبل المضربين ب''إشعار'' بالدخول في حركة احتجاجية. وفي حديث جمع ''الخبر'' بعدد من المسافرين ''الغاضبين''، فإن ''الاحتجاج جاء في وقت غير ملائم''، مثلما قال أحد الطلبة: ''فلا يعقل أن لا يدرك المحتجون أننا كطلبة في حاجة ماسة إلى وسيلة النقل، لاسيما القطار، في تنقلاتنا، ونحن على أبواب الدخول والتسجيلات الجامعية''. وفي المحطة الرئيسية ''آغا''، كانت الفوضى ''عارمة''، امتزج فيها بكاء الرضع بصراخ كبار السن الذين ''تشابكوا'' مع أعوان المراقبة والأمن، فصبّوا عليهم جام غضبهم، رغم عدم ارتباطهم بالإضراب أصلا، ما دفع البعض منهم إلى مغادرة مركز المراقبة ''والسكانير'' تفاديا للتصادمات مع المسافرين الغاضبين. وفي هذا الإطار، قالت عجوز في السبعين من عمرها: ''كنت متوجهة إلى وهران من أجل موعد مع طبيب جراح، وعليه أحمّل مسؤولية تدهور صحتي إلى المحتجين لأنهم لم يعلمونا بالإضراب، والمسؤولين بسبب عدم الاستجابة لهم''. كما أفرز توقف القطار ضغطا كبيرا على محطات نقل المسافرين للحافلات في تافورة، والطاكسيات في خروبة، والأبرز من هذا كله هو ''انتعاش'' مداخيل المترو والترامواي بسبب التوافد الكبير للمسافرين عليهما رغم ارتفاع التكلفة مقارنة بالقطارات. في المقابل، سقط العديد من الركاب ضحايا جشع بعض ''الكلونديستان'' الذين ضاعفوا ثمن الرحلة، مثلا باتجاه محطة خروبة، إلى 1000 دينار. من جهة أخرى، أعلن سائقو القطارات عن الدخول في إضراب وطني مفتوح، مرهون بمدى استجابة الوصاية لمطالبهم. وخرج الاجتماع الذي عقده، أمس، فرع سائقي القطارات المنضوي تحت الفيدرالية الوطنية لعمال القطارات، بقرار شل حركة النقل بالقطارات عبر الوطن ابتداء من اليوم، في حال لم يتلقوا دعوة لفتح باب الحوار معهم عبر لقاءات ينتج عنها تلبية جميع مطالبهم. وأوضح الأمين العام للفرع النقابي لمستودع الجزائر، عبد القادر صيد، في تصريح ل''الخبر''، أن مطلبهم الرئيسي هو إعادة زميلهم السائق حموش مراد إلى عمله، الصادر في حقه قرار من مجلس التأديب بفصله عن العمل لارتكابه خطأ مهنيا بسبب حادث تصادم قطارين بين بودواو وقورصو بتاريخ 12 أوت من العام الماضي وتسبب في إصابة 14 مسافرا. وأضاف ذات المتحدث: ''نحن نرفض العقوبة، لأن زميلنا غير معني بها، لأن تطور القطارات الحديثة لا يتماشى مع تطور العمال''. وشرح ذات المصدر هذه القاعدة قائلا: ''القطارات الحالية لا تحتوي على أجهزة استشعار قدوم القطارات في الجهة المقابلة، والإجراءات الأمنية شبه منعدمة''. كما يطالب العمال برفع منحة التنقل إلى 8000 دينار، وكذا القيمة الكيلومترية وإتباعها بالأجر القاعدي، فضلا عن تقليص ساعات العمل وتصنيف الأمراض المهنية. والأهم من ذلك ''فتح تحقيق في المعدات والتجهيزات الجديدة''.