طرحت محكمة البليدة القضية التي أسالت الكثير من الحبر، وعصفت بنائب رئيس الجامعة، محمود شرقي، المكلف بالبيداغوجيا، ونائب وزير التربية الوطنية، عبد اللطيف بابا أحمد، إثر تورطه في قضية تزوير ملف تحويل طالب من كلية الطب بجامعة الجزائر إلى كلية الطب بالبليدة الموسم الجامعي الماضي. دامت المحاكمة التي جرت أطوارها أول أمس، أربع ساعات، وشهدت حضور عديد الإطارات الجامعية ومثقفين وأطباء وطلبة، أعلنوا عن تضامنهم مع المتهم الذي شهدوا له بتفانيه في العمل وسمو أخلاقه، كما تطوّع العديد من المحامين للدفاع عنه. وحسب ما جاء في ملف القضية، فإن الطالب تقدم بملف يحتوي على نسخ طبق الأصل لوثائق مزوّرة، متمثلة في شهادة بكالوريا أصلية، وكشوف نقاط، وشهادات النجاح للسنوات الخمس الصادرة من قسم الطب جامعة الجزائر، مصادق عليها من قبل بلدية بئر مراد رايس، من أجل تسجيل نفسه في السنة السادسة في تخصص الطب، بتواطؤ مع عون أمن داخلي تلقى رشاوى مقابل مساعدته. وبسبب هذه الوقائع، وجد كل من الطالب وعون الأمن نفسيهما يواجهان تهمة التزوير واستعمال المزوّر والرشوة. وتفيد أوراق القضية أن الطالب تقدم بصفة عادية إلى مصالح كلية الطب بجامعة البليدة، قادما في بداية السنة الجامعية الماضية وبحوزته طلب تحويل إلى عميد كلية الطب لجامعة سعد دحلب بالبليدة. وبعد دراسة ملفه، تم تحويله، وقامت مصالح نيابة رئاسة الجامعة بتسجيله تسجيلا أوليا يسمح له بمزاولة الدراسة، نظرا لانطلاق الدروس، إلى غاية إحضار المعني النسخ الأصلية لإيداعها لاحقا على مستوى الكلية، وهو الإجراء المعمول به عادة في مثل هذه الحالات ومع جميع الطلبة المحوّلين. وتم قبول ملفه بشكل عادي، مثله مثل كل الطلبة الآخرين وفق الإجراءات الإدارية، قبل أن يتم اكتشاف عملية التزوير واختفاء الطالب عن الأنظار، وغيابه عن امتحانات السداسي الثاني. بريء أم متورط؟ وخلال جلسة المحاكمة، تمسك نائب رئيس الجامعة المكلف بالشؤون البيداغوجية، محمود شرقي، بالبراءة من التهمة الموجهة إليه، مصرّحا أن اكتشاف عملية التزوير يترتب عنها مثلما هو معمول به التحويل على المجلس التأديبي والفصل عن الدراسة، وكذا إلغاء تسجيل التحويل، ثم متابعته قضائيا بتهمة التزوير، مشيرا إلى أنه وجه مراسلة رسمية إلى عمداء الكليات بالجامعة، تضم المصادقة على وثائق التحويلات مؤرخة في 15 ديسمبر 2011، وكذا كشوف النقاط وشهادات نجاح الطلبة الذين تقدموا بطلبات تحويل وتم قبول ملفاتهم، بمن فيهم الطالب المعني بجامعة البليدة، لدى جامعاتهم الأصلية، على أن يتم إيفاده بنتائج التحرّيات عن صحة الشهادات والكشوف لدى جامعاتهم الأصلية في أجل لا يتعدّى الأسبوعين. من جهتها، دفاع المتهم، المحامية قسومة، أشارت خلال مرافعتها إلى أن ما يهم موكلها في الملف هو شهادة البكالوريا الأصلية، والتي وجدت عند تقديم الملف لموكلها، في حين باقي الوثائق الإدارية هي من صلاحية اللجنة، مشيرة إلى أن القضية كلها مفبركة من طرف أياد خفية، تريد إزاحة موكلها من منصبه الذي يشغله وتشويه سمعته الجيدة، والتي يشهد لها الجميع. وأمام هذه الوقائع، وفي ظل ما عرض في جلسة المحاكمة، طالب وكيل الجمهورية بتسليط عقوبة العامين حبسا نافذا وغرامة مالية حدّدت بعشرين مليون سنتيم لنائب رئيس الجامعة، والتماس عقوبة 5 سنوات سجنا ضد الطالب وعون الأمن.