وجه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب عدة رسائل سياسية وعسكرية لدول الميدان والدول المعنية بمكافحة الإرهاب في الساحل، بتعيين أبوالهمام على رأس كتائب الصحراء، أهمها أن المعركة بين قوات مجموعة دول غرب إفريقيا ''إكواس'' والفصائل المسلحة السلفية في إقليم أزواد سيديرها دروكدال بنفسه. أكدت مصادر محلية متطابقة من تمبكتو شمال مالي، أن يحي أبو الهمام واسمه الحقيقي جمال عكاشة، عين على رأس كتائب الصحراء أو إمارة الصحراء التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب خلفا لنبيل صحراوي الذي قتل في حادث مرور خلال شهر سبتمبر، في تغيير جديد لقيادة الفصيل المسلح الأقوى في شمال مالي قبل أيام من تدخل القوة الإفريقية في المنطقة. تعيين دروكدال لصديقه جمال عكاشة على رأس كتائب الصحراء يؤشر على تطور جديد للأوضاع، وربط متابعون للشأن الأمني في منطقة الساحل هذا التعيين لجمال عكاشة المكنى يحي أبوالهمام على رأس إمارة الصحراء بالتطورات الميدانية والسياسية في المنطقة، حيث تحضر ست دول من غرب إفريقيا للمشاركة في قوة التدخل الإفريقي في شمال مالي، وما يتبع هذا التدخل من صدام عسكري في إقليم أزواد، بالإضافة إلى ما يشاع من صراع على الإمارة بين عناصر التنظيم المسلح. وقالت مصادرنا إن قرار تعيين أمير جديد لفرع القاعدة في الساحل تختص به القيادة العليا للتنظيم المجسدة في مجلس أعيانه، وقد أرسل دروكدال قراره الذي تلقاه قادة كتائب الصحراء، وحمل تهديدا بنزع الغطاء السياسي عن عبد الحميد أبوزيد ''السوفي'' وزمرته، إذا لم يعين من يزكيه مجلس أعيان قاعدة المغرب على رأس كتائب الصحراء. وقالت مصادر متابعة للأوضاع الأمنية في الساحل إن مصالح الأمن الجزائرية رصدت قبل عدة أشهر صراعات بين قادة التنظيم بسبب خلافات حول التعامل مع الأوضاع الجديدة في إقليم أزواد، وتقاسم الغنائم بين كبار القادة والأمراء، وقال مصدر على صلة بالشأن الأمني في الساحل إن المعلومات المتوفرة لدى الأمن الجزائري تؤكد بأن جمال عكاشة هو أحد أكثر الرجال قربا من عبد المالك دروكدال، بل ويعد رجل ثقته في الساحل، كما أنه أحد أكثر قادة القاعدة الشباب من الجيل الثاني دموية، حيث شارك في عدة اشتباكات ضد الجيش الموريتاني وضد الجيش الجزائري. وقد سبق وأن أدين جمال عكاشة بالإعدام غيابيا في محكمة بسكرة عام 2006 في قضية تشكيل جماعة إرهابية بعد ضبط صناديق ذخيرة وأسلحة في منطقة صحراوية تقع على الحدود بين ولايتي بسكرة ووادي سوف. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن المتضرر الأول من قرار تعيين أبوالهمام على رأس كتائب الصحراء هو مختار بلمختار الذي تخلى قبل سنتين عن المصالحة من السلطات الجزائرية وتقرب من القاعدة على أمل استعادة منصبه السابق، بالإضافة إلى عبد الرحمن التندغي الموريتاني الذي يشغل منصب عضو مجلسي الأعيان والشورى في القيادة العليا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب، ويعد تبعا لهذا، أبو الهمام الرجل الأكثر أهمية ضمن عناصر التنظيم بالإضافة إلى القائد العسكري للقاعدة في الساحل عبد الحميد أبو زيد الذي يمسك بيده كل خيوط اللعبة الأمنية والاتصالات مع العصابات المسلحة في المنطقة. وكرس تعيين جمال عكاشة البالغ من العمر 34 سنة، وابن مدينة الرغاية، على رأس كتائب الصحراء في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب، سيطرة ما يسمى في التنظيم بجماعة بومرداس على كل مفاصل القاعدة، ورسالة تأكيد من دروكدال لأجهزة الأمن في الدول المعنية بمكافحة الإرهاب، مفادها أن قيادة القاعدة موجودة في الجزائر وليس في أي مكان آخر. غير أن مثل هذا التعيين هو نفس السبب الذي أدى إلى انشقاق مختار بلمختار عن الجماعة السلفية في مناسبتين، وقد يؤدي هذا إلى المزيد من الانشاقات في صفوف التنظيم، وهو ما تبحث عنه أجهزة الأمن. ويعد تعيين خبير العمليات العسكرية في الصحراء جمال عكاشة الذي قاد اشتباك الغلاوية ضد الجيش الموريتاني، وكان حاضرا في اشتباك قرية إيتواني ضد الجيش النيجري، وشارك في اقتحام مدينة تمبكتو بعد خروج الجيش المالي منها، تحضيرا من القاعدة للمعارك القادمة ضد جيوش مجموعة إيكواس، ومحاولة من دروكدال لتحسين الأوضاع الميدانية للقاعدة في شمال مالي بعد الزخم الذي حصلت عليه جماعة التوحيد والجهاد التي تعد أبرز منافسي القاعدة في الساحل، بالإضافة إلى محاولة قادة تنظيم القاعدة في الساحل أخذ المبادرة من مختار بلمختار الذي عاد إلى واجهة الأحداث بفضل علاقاته القوية مع قادة جماعة أنصار الدين الأزوادية.