لم تخف الأحزاب السياسية التي دخلت المعركة الانتخابية، ''تمسكها'' و''تعلقها'' الشديد بالمدرسة الجزائرية، لتكون الفرس الذي تركبه وتراهن عليه بكل ثقلها لكسب ''معركة'' ال29 نوفمبر الحاسمة، وتحولت مؤسسات التربية إلى وعاء انتخابي ''تكالبت'' عليه مختلف التشكيلات ليصل حدود 50 بالمائة، فيما تبين بأن أكثر من 80 بالمائة من المترشحين الذين استفادوا من الانتدابات ''هجروا'' فعليا قاعات التدريس، عكس ما كانت تتوقعه الوصاية التي راهنت على ''الحس المهني'' للمعنيين حرصا على مصلحة التلاميذ، باعتبار أن العطلة غير إجبارية ولا مدفوعة الأجر. إن كانت الأحزاب المتنافسة إسلامية أو وطنية أو ديمقراطية، فإن الأستاذ أو المعلم، يشكل الورقة الرابحة التي تعوّل عليها في القوائم التي أعدت. ويرى الأمين الوطني المكلف بالإعلام بحزب جبهة التحرير الوطني ''الأفالان'' قاسة عيسى بأن ''الأساتذة والمعلمين وحتى الأساتذة الجامعيين يشكلون أغلبية القوائم المعدة''. الأكثر من هذا، فإنه ومع تطور المستوى في المدرسة الجزائرية، أصبح قطاع التربية يعطينا الحصة الأكبر من تأطير المجالس الشعبية البلدية والولائية شئنا أم أبينا. وأمام هذا، ''لا يمكن لنا كحزب أن نجد أحسن من الأستاذ المثقف والمتجذر في المجتمع والذي له علاقات متشعبة ليكون ضمن قوائمنا المتنافسة''. وأضاف قاسة عيسى، ردا على سؤال بخصوص استغلال المدرسة لأغراض سياسية من هذا المنظور، بأنه ''لا يمكن فعل ذلك بالنظر إلى وجود تعددية حزبية، لأن ذلك لا يطرح بالأساس''. وعن النسبة التقريبية لعدد الأساتذة في قوائم ''الأفالان'' فإنها معتبرة جدا. ويقول رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، في تصريح ل''الخبر'' إن ''حركة مجتمع السلم نشأت في الجامعة، ولهذا يمثل الأستاذ والمعلم النسبة الغالبة من إطاراتها، والزعيم الراحل نحناح كان أستاذا جامعيا وأنا أيضا أستاذ جامعي، وأغلب إطارات ومناضلي الحركة من المنظومة التربوية''. وأضاف ''نحن لم نختر ذلك، لكن طبيعة المجتمع في حد ذاته هي من فرضت علينا ذلك''. ولهذا أصبحت قوائمنا في الانتخابات البلدية والولائية تشكل بأغلبية ساحقة من الأساتذة والمعلمين، وتصل في حدود 50 بالمائة''. وعن استغلال المدرسة الجزائرية في النشاط السياسي وانتهاز الفرصة الخاصة بالقاعدة الانتخابية لكل أستاذ، قال أبو جرة ''نحن ننطلق من مبدأ عام وهو أن هناك 5 مؤسسات في المجتمع لا يمكن تسييسها وهي المنظومة التربوية والإدارة والمؤسسة العسكرية والمسجد وقطاع الخدمات وفي مقدمته الصحة''. أما الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي ''الأرندي''، ميلود شرفي، فيرى بأن ''حضورا مكثفا للأساتذة والمعلمين في القوائم الانتخابية للحزب''. و''أن النسبة تتجاوز ال50 بالمائة، لأن الحزب بحاجة لمثل هذه الطاقات من المنظومة التربوية''. نقابات التربية: المحليات تؤثر سلبا في سير الدروس بالنسبة لنقابات التربية، فإن وقع الإشكالية سيؤثر في السير العادي للدروس، وهو ما جاء على لسان رئيس الاتحادية الوطنية لعمال التربية التابعة لنقابة ''السناباب''، لعموري لغليظ، الذي قال إن عدد الأساتذة المترشحين للانتخابات في مختلف الولايات، يتجاوز 5 بالمائة، وهي معضلة، كان من المفروض أن تفكر وزارة التربية في كيفية مواجهتها، والبحث عن حلول لها، بداية الدخول المدرسي، باعتبار أن الوصاية قررت منع الاستخلاف في القطاع إلا في حالات العطل المرضية. وحسب ذات المتحدث، فإن الوصاية مطالبة اليوم، بالتعجيل في إصدار قرار يقضي باستخلاف الأساتذة المترشحين، الذين ''هجروا'' فعليا الأقسام الدراسية لتنشيط حملتهم الانتخابية، مشيرا إلى أن الطرح الذي يقول بتوزيع الساعات على أساتذة نفس المادة، مستحيل وغير مجد، خاصة بالنسبة للمواد الأساسية كالرياضيات والفيزياء، حيث لا يتعدى عدد الأساتذة الثلاثة في نفس المؤسسة التربوية. من جهته، أعلن المكلف بالإعلام على مستوى مجلس ثانويات الجزائر، عاشور إيدير بأن جميع القوائم الانتخابية عبر الوطن، تضم مترشحين من قطاع التربية، غير أنه شدد على أن ''الكلا''، وعلى غرار التنظيمات الأخرى، لم يتفاوض مع أي حزب سياسي في هذا الإطار، وأضاف بأن حرية القانون الداخلي والقانون الأساسي للنقابة، لا يمنع المنخرطين من النشاط السياسي والانضمام إلى أحزاب سياسية، بشرط أن يتم استعمال الحزب لمصلحة النقابة وليس العكس. وبحسب ذات المتحدث، فإن عدد منخرطي ''الكلا'' الذين ترشحوا للانتخابات البلدية والولائية تجاوز العشرة على المستوى الوطني، وهؤلاء قاموا بذلك بناء على قناعات حزبية لا علاقة لها بنشاطهم النقابي، غير أن ذلك لا يمنع، يضيف إيدير، أن يستغل المترشحون فوزهم في الانتخابات في مصلحة نقابتهم. أما عضو اللجنة التنفيذية للفيدرالية الوطنية لعمال التربية للمركزية النقابية، نور الدين محمدي، فأكد ل''الخبر''، أن منخرطي النقابة يمثلون 27 بالمائة من القوائم الانتخابية لمختلف الأحزاب، وهو عدد مهم يترجم، حسبه، تجند موظفي القطاع المنتمين للفيدرالية وإصرارهم على الانخراط في العمل السياسي لإعطاء القطاع دفع قوي يستغل في تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية لمختلف الأسلاك. وقال محدثنا إن الموظفين المترشحين ينتمون إلى أطباق سياسية مختلفة، وهو حق مضمون يكفله النظام الداخلي والقانون الأساسي للاتحاد العام للعمال الجزائريين، شرط ألا يتم الخلط بين النشاطين، بمعنى عدم استغلال النقابة لأغراض سياسية.