نجح الثنائي محمد الصغير بن داود وسفيان عطية، أول أمس، في شدّ الوافدين على مكتبة قصر الثقافة ''مفدي زكريا'' في الجزائر العاصمة، لأزيد من 60 دقيقة، وهي مدة عرض ''هول الكلمات'' الذي جسداه ركحيا، بعد أن كان مجرد نص أدبي سردي، تضمنه كتاب ''الأسطورة كإرث''، الصادر عن دار ''الحكمة''، لوزير الاتصال الأسبق محمد عبو. وجاء العرض الذي أشرف عليه فنيا مدير مسرح ''الفوسطو''، زياني شريف عياد، في شكل قراءة ممسرحة، قدّمها الممثلان محمد الصغير بن داود وسفيان عطية، باللغة الفرنسية، ممزوجة ببعض العامية، وتوقفا خلالها عند العديد من المسائل والقضايا المفعمة بالحكمة والتأملات الفلسفية التي من شأنها الدعوة إلى تأمل الحياة، ومنه الغوص في عمق الواقع المعيش. وتمكن العرض من إمتاع مشاهديه واستقطابهم إلى آخر لحظة من عمره، موازاة مع قوة النص ومتانة حبكته، وكذا سلالة الأفكار وجزالة معانيها، ناهيك عن الأداء المميز لبن داود وعطية اللذين بدا عليهما الارتياح فوق الخشبة، خاصة حين راحا يترجمان يوميات المواطن البسيط، بكثير من التهكم والسخرية، نظرا للمشاكل العديدة التي يعاني منها. ومن النقاط الجوهرية التي ركز عليها العرض، ''تعفن'' قطاعي الثقافة والرياضة اللذين حاول محمد عبو، بالتنسيق مع زياني شريف عياد، تعرية واقعهما السوداوي، بكثير من الجرأة التي تتجلى في النص من جهة، وكلمات وألحان الفنان نور الدين سعودي من جهة أخرى، كتلك التي يقول فيها الأخير: ''الثقافة صبحت مديح ورشقة، والفن مفيّل وفطناتو تصفيقة.. المدينة ولات مسرح، والمسرح هرب من المدينة.. كل واحد يغني بغناه''، مضيفا: ''الحكام فرطو.. الشعب راقد.. قلبي تحسر يا ناس زمانو.. الريح مزروع اليوم بغبارو''. كما تطرق بن داود وعطية، عبر مدينة ''عين الخبزة'' التي تعدّ إسقاطا على الجزائر، إلى تراجع التعليم، أزمة السكن، تدهور الصحة، بيروقراطية الإدارة.. وما إلى ذلك من المشاكل التي حوّلت المدينة إلى ''عين الهربة''، بعد أن أمدّت الحضور بجرعات زائدة من المتعة والفرجة، رغم مسحة الحزن والأسى التي تكتنفها.