ذكرت مصادر أمنية مطلعة أن المواطن البشّاري الذي أقدم على الانتحار عصر الخميس الماضي، داخل محكمة وهران، هو ''غ. ع'' 35 سنة، كان ينتظر سماعه من طرف وكيل الجمهورية الذي قدمته أمامه الشرطة بتهمة ''إزعاج السلطات''. من جهته، يشرف النائب العام لدى مجلس قضاء وهران على التحقيق في هذه القضية نظرا ل''خطورتها وحساسيتها''، لأن الأمر يتعلق ب''مواطن بريء لم تثبت إدانته وضع حدا لحياته في حرم المحكمة، وأخذ أسراره معه''، كما أنها ''تبين الصورة الحقيقية لتعامل مرفق العدالة مع المتقاضين''. وتأكدت ''الخبر'' أن المنتحر قدم من بشار وتوجه يوم الأربعاء 21 نوفمبر إلى مديرية الأمن الولائي، للإبلاغ عن فقدان شقيقه. وحدثت بينه وبين أعوان الأمن المكلفين بالاستقبال مناوشة، انتهت بحجزه تحت النظر بعد سماعه. وفي اليوم الموالي، اقتيد في سيارة الشرطة إلى محكمة وهران، لتقديمه أمام وكيل الجمهورية، كما تفرض الإجراءات. وفي يوم الخميس 22 نوفمبر، كانت كل مصالح الأمن مجندة لزيارة المدير العام عبد الغني هامل، كما كان وكيل الجمهورية لدى محكمة وهران ضمن الوفد المرافق له. وكان من المفروض أن يتم تقديم الموقوف أمام أحد وكلاء الجمهورية المساعدين لدى محكمة وهران، وطال انتظاره إلى غاية لحظة رمي نفسه من الطابق الرابع، في مشهد مأساوي، وهي النقطة التي يرتكز عليها التحقيق ''ماذا حدث للمنتحر في محكمة وهران؟ ولماذا لم يتم تقديمه أمام أحد وكلاء الجمهورية المساعدين إلى غاية تلك الساعة؟'' وغيرها من الأسئلة. وقد انتشرت رواية في وهران أن الضحية تم تحويله من بشار إلى وهران، لتبليغه بحكم غيابي صادر ضده. وذكرت مصادر مؤكدة أن المعني تم فعلا تحويله في ظروف جد عادية وجرت عملية تبليغه بالحكم في ظروف عادية أيضا، وقد شاع عن المنتحر أيضا أنه ''مصاب بمرض عقلي، وادعى أنه ملاحق من طرف الإرهاب''. إلا أن المؤكد الذي توصل إليه التحقيق، أن الضحية دخل في مناوشات مع عوني شرطة عند مدخل مديرية الأمن الولائي، قبل أن يتقرر السماح له بالدخول، حيث كشف أنه يريد الإبلاغ عن تعرض أحد أشقائه للاختطاف من طرف سائق سيارة أجرة. وأكد ذات المصدر أن أخبارا متداولة داخل مقر الأمن الولائي بوهران، بأن وزارتي العدل والمديرية العامة للأمن الوطني بصدد إرسال محققين أو ما يصطلح عليهم ب''أصحاب المحافظ''، في هذه القضية التي تضاربت حولها الروايات، ولا تزال أسبابها لحد الساعة تصنف ضمن ''الغامضة والمحيرة''.