يسدل الستار، اليوم عند منتصف الليل، على خامس حملة انتخابية لاستحقاق محلي منذ بداية التعددية في الجزائر، شهدت مفارقة كبيرة، من حيث مشاركة أكبر عدد من الأحزاب مقابل فتور غير مسبوق، بينما التساؤل مركز على الوصفة الملائمة لدفع الناخبين إلى صناديق الاقتراع. هل يؤشر مسار الحملة الانتخابية الباهت لمحليات نهاية الشهر، لعزوف كبير عن صناديق الاقتراع، أم أن سيناريو التشريعيات سوف يتكرر، لما راهن المقاطعون على حدوث فضيحة انتخابية ثم أعلن الوزير ولد قابلية بما لا يشتهون، عن نسبة مشاركة ب43 بالمائة؟. لم ينعكس الزخم العددي للأحزاب السياسية المشاركة في موعد 29 نوفمبر وعددها 52 حزبا، على مسار حملة انتخابية تشارف على نهاية لا تختلف عن البداية، وقسمت الحملة الجزائريين إلى ثلاثة أصناف: صنف تابع الحملة من خلال وسائل الإعلام، متوددا شيئا جديدا يأتي به رئيس حزب، خارج مألوف الخطاب السياسي الاستهلاكي، وصنف آخر ساقه هواه إلى متابعة الحملة لاصطياد كلام مأثور من أحدهم يدخله مجال التداول في مخيال شعبي جزائري صار لا يرحم أصحاب زلات اللسان، كزلة لسان واحد ممن طرقوا، حديثا، باب الساحة السياسية ''من الخلف''، خاطب الناس في تجمع له خلال حملة التشريعيات الماضية بقوله ''رانا جيناكم بالحلال ماتخيبوناش''. أما الصنف الثالث، فبقي وفيا لمعسكر أغلبية صامتة مازالت متفرجة على الوضع منذ أول انتخابات تعددية عام .1990 وأظهر هذه المرة وفاءه للمرة الألف بإدارة ظهره لمهرجانات تتكرر ثلاث مرات كل خمس سنوات، في عقاب لا يرفعه المقاطعون إلا على الذين، ربما، سيأتون يوما، لا يسمعون كلاما من وزير الداخلية يتوقع مشاركة 40 بالمائة من الناخبين. البارز في حملة 29 نوفمبر، محاولة تعويض رؤساء تشكيلات حزبية، حالة القصور على المستوى المحلي، بتجمعات تكفلوا بتنشيطها وهم يعلمون أن حشد الأصوات في انتخابات محلية مرهون بما يقدمه مترشحوهم في الأحياء والمداشر، من ''طعم'' للمواطنين، لكن، هذه الظاهرة أحالت إلى قراءة أخرى، تفيد بأن الحملة التي تنتهي اليوم عند منتصف الليل، كانت فرصة لإبراز شخصية ''رئيس الحزب'' في مشهد غلبت عليه ظلال رئاسيات ,.2014 المشهد الذي تكرر في صورة ملصقات انتخابية استعراضية لرؤساء أحزاب، طغى خلال التشريعيات الماضية بتساؤل واحد طرح في القمة ثم نزل إلى القاعدة، ومفاده: هل سيترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة؟. تبعا لذلك، انصهرت صور مترشحي الأطياف السياسية في البلديات في صورة رئيس حزب، فضل التغطية التلفزيونية بعد الثامنة مساء على خرجات مترشحيه، على المستوى المحلي، وفقا لحسابات يعرفها العام والخاص تفيد بأن النتائج المتوقعة ستكون سليلة نتائج التشريعيات، لذلك اكتفت تجمعات معظم الأحزاب بتوصيف وضع لا يستحق اجتهادا لوصفه، دون تقديم بدائل، بل إن خطاب ''البرنامج'' كاد يغيب كليا، سوى ما قدمته قلة من تشكيلات سياسية لها باع انتخابي ترجمته في انتقاء مترشحين مقبولين اجتماعيا، خارج كوكبة من أحزاب استعانت بأصحاب ''الباركينغ'' وصغار مروجي المخدرات في تنشيط الحملات الجوارية. وأظهرت الحملة الانتخابية، كذلك، واقعا انتخابيا مجزأ، بين أحزاب رشحت مناضليها الحقيقيين، وأخرى بحثت عمن يترشح باسمها، من حزيبات امتصت القوائم الحرة، وبين الاثنين، تقاسم مشترك، يفيد بوجود قلة من المترشحين يبدون الرغبة الحقيقية في تغيير الواقع المحلي، ويبحثون عن مفاتيح البلدية لتحقيق ذلك، أما آخرون فترشحوا لأهداف معلومة، كشفت عنها نوايا استدراك ما فاتهم من الكعكة. يشارك في الموعد المحلي 32 حزبا لأول مرة، بعضهم خاض غمار تشريعيات 10 ماي، ومنعت مصالح الوزير دحو ولد قابلية مشاركة أربعة أحزاب لأسباب مختلفة، وقاطع حزبان هما: جبهة العدالة والتنمية لجاب الله وجبهة التغيير لمناصرة، وإجمالا يشارك 52 حزبا من أطياف مختلفة، قال وزير الداخلية إنها ''لم تقم بدورها قصد إنجاح حملة انتخابية''، ما لوحظ فيها، محاولة توريط الصحافة في فتورها، وافتقد مسارها لحملة الترغيب الرسمية، نقيض ما شهدته حملة 10 ماي الفارط، إلا ما تعلق بتصريحات مقتضبة لوزير الداخلية تارة ولرئيس لجنة الإشراف القضائي، سليمان بودي، تارة أخرى، والواقع يقر بأنه مهما بلغت الحملة الانتخابية من فتور، إلا أنها لم تمنع في الكثير من المناطق، الشقاق بين أشقاء: واحد ''أفالاني'' وآخر ''أرنداوي'' وثالث ''عمالي'' ورابع ''خضراوي'' صاروا لا يلتئمون على مائدة عشاء واحدة منذ عيد الأضحى المبارك، بسبب تباين الولاء الحزب