تتضارب الآراء وتشتد المنافسة بين قوى المعارضة والموالاة للرئيس المصري محمد مرسي، مع بدء المرحلة الأولى لعملية الاستفتاء على الدستور الجديد المثير للجدل التي بدأت أمس، حيث يرى الرافضون لمشروع الدستور أن التصويت ب''لا'' واجب على كل مواطن لإنقاذ الوطن والثورة، وعلى النقيض، تؤكد الجبهة المؤيدة على أن التصويت ب''نعم'' بمثابة إقرار يمهد لتحقيق الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة. بعد أزيد من ثلاثة أسابيع من التوتر والغضب والانقسام الشعبي والسياسي العميق، الذي أدى إلى سقوط ضحايا جدد وجرح العشرات، ومظاهرات ومسيرات واعتصام في مختلف الميادين والشوارع المصرية، توجه أمس الناخبون المصريون بكثافة إلى مكاتب الاقتراع من أجل الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور. ''الخبر'' ارتأت أن تشارك المصريين تفاصيل هذا اليوم التاريخي الذي يحدد هوية الجمهورية الثانية، وكانت وجهتنا منطقة ''الزمالك''، وهي من أرقى أحياء القاهرة، هناك تفاجأنا من العدد الهائل للناخبين الذين اصطفوا أمام لجانهم منذ الساعات الأولى للاستفتاء، أغلبهم من فئة السيدات اللائي أصررن على الحضور للتعبير عن آرائهن ومواقفهن من مشروع الدستور، الذي أثار الكثير من السجال، وسالت على إثره دماء كثيرة، وترى بعض الناخبات ممن تحدثنا معهن أن الدستور فقد شرعيته قبل الاستفتاء عليه، بعد أن تلطخت مواده بدماء المصريين الذين سقطوا في محيط قصر الرئاسة، مؤكدين أن الرئيس مرسي وجماعته في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين قد فقدوا شرعيتهم بعد أن أباحوا دماء المصريين. وليس بعيدا عن اللجنة التي كنا فيها، قابلنا سيدة أخرى وسألناها عن سبب مشاركتها في الاستفتاء، فأجابتنا قائلة ''صحيح أنه لم يكن لدينا الوقت الكافي لقراءة مواد الدستور بتأن، والتمعن في الثغرات التي تسببت في مشاكل كبيرة في الفترة الماضية، لكن ما دفعني للتصويت اليوم هو رغبة كل مصري في الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام الشديد التي تشهدها البلاد، وبناء مؤسسات الدولة''، وبين هذا الرأي وذاك يحبس المصريون أنفاسهم بين ''نعم'' و''لا''، لحين الكشف عن النتيجة النهائية لهذا الاستفتاء. وفي غضون هذه المعطيات، تواصل توافد الناخبين الكثيف على مكاتب الاقتراع للتصويت على مشروع الدستور الجديد، ما اضطر اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات لتمديد التصويت لأربع ساعات، أي إلى غاية الحادية عشرة مساء بتوقيت القاهرة، وهو ما وصفته الجماعة ب''عرس سياسي بامتياز''، وفي المقابل اعتبرته المعارضة يوما مظلما في تاريخ مصر. ورصدت غرفة عمليات نادى القضاة لمتابعة الاستفتاء تجاوزات وخروقات أبرزها غياب الإشراف القضائي على مستوى 26 لجنة انتخابية، والدعاية أمام مقر اللجان وتوجيه الناخبين.