ما جرى في جلسة التصويت على حسابات ميزانية 2013 أمر محزن.. حيث أصبحت الأغلبية النيابية حامية فعلية للفساد من الأقلية النيابية المحاربة للفساد. الآية عندنا انقلبت.. حيث أصبح الفساد يتمتع بالأغلبية فيما أصبح غير الفساد أقلية الأقلية.! المحزن أكثر أن نواب الشعب غابوا عن الجلسة حتى لا يحرجوا أنفسهم باتخاذ موقف من الفساد.. ولهذا لجأ القائمون على شؤون المجلس إلى إقرار التصويت بالوكالة.! ولسنا ندري كيف ينوب النائب عن النائب في علاج مسألة كهذه.! الفساد في بلادنا وسوء التسيير أصبح يتمتع بحصانة أهم وأنجع من الحصانة التي يتمتع بها النواب.. ولعل حصانة النواب آتية من حصانة الفساد والمفسدين من المتابعة.! الأحزاب السياسية التي تسمح للمفسدين بأن يمارسوا باسمها هذا الفساد أصبحت هي أيضا تقوم بحماية المفسدين من المتابعة، سواء بالعدالة عبر الحكومة أو من طرف النواب بواسطة التدخل السياسي لدى النواب لإبطال مفعول الوظيفة الرقابية للنواب.! أية صفة أخلاقية سياسية عند أحزاب الراندو والآفة وهي تستخدم النواب بطريقة متعسفة ومؤسفة في حماية الفساد من الملاحقة مهما كان نوعها؟! عبر البرلمان أو غير البرلمان؟! بطبيعة الحال، فإن هذه الأحزاب التي تسمح بممارسة النضال بالمال الحرام.. وتسمح ببيع مقاعد النواب في البرلمان إلى ''البفارة'' وأصحاب ''الشكارة'' فإنها لا تتورع أخلاقيا عن حماية المفسدين بواسطة هؤلاء النواب.! نعم الحكم فقد شرعيته لانغماس رجاله في الفساد..ولكنه فقد قبل ذلك مشروعيته لأنه سمح لأحزاب مرتشية وفاسدة بأن تبيع علنا وعلى الملأ الوظائف والمهام الوطنية دون حياء.! وقد جاء الآن دور بيع مؤسسات الدولة بكاملها إلى المفسدين من خلال حمايتهم من أية متابعة أو ملاحقة قانونية رقابية أو حسابية.! إنها محنة جديدة تواجه البلاد تضاف إلى محنة الرداءة السياسية والإدارية.!