عندما قلنا وقال غيرنا إن تورط الجزائر الرسمية في حرب مالي سيفتح علينا باب جهنم.. اتهمنا المعتوهون بالمزايدة على قيادة البلد وبقصر النظر بل وبالعمالة لجهات مشبوهة.. لكن ها هي الأحداث تشير إلى الآتي: أولا: البلاد أصبحت ساحة للإرهاب الأجنبي في واحدة من مناطقها الحساسة.. ماذا يعني أن يكون المهاجمون لقاعدة عين أمناس كلهم أجانب وليس بينهم إلا ثلاثة جزائريين.. الذين يكون قد استخدمهم الأجانب كمرشدين فقط.! وماذا يعني أن يأتي هؤلاء من دولة مجاورة سواء أكانت ليبيا أو مالي؟! هل كان من الحكمة أن تسيّر الحكومة الجزائرية مع الفرنسيين في محاربة الإرهاب على بعد 4 آلاف كلم من باريس.. وتورّط معها بلادنا في هذه الحرب.. ويحدث لنا ما يحدث الآن؟! الملاحظ أن الإرهاب الجزائري كان في السنوات الدموية أكثر ''وطنية'' من هذا الإرهاب الأجنبي الذي يضربنا الآن.. فطوال سنوات الإرهاب الماضية ضرب الإرهاب الجزائري حتى في قصر الحكومة.. ولكنه لم يضرب ولا مرة المنشآت الحيوية للطاقة في أي مكان من الجزائر.! ويجب أن نعترف بأن عملية عين أمناس ما كانت لتحدث لو لم تقم الجزائر بحماقة تدويل مكافحة الإرهاب، استجابة للرغبة الفرنسية. ثانيا: الجزائر خسرت في أربعة أيام من العملية، ما قدره 40 مليون دولار وهي مرشحة لتتكبد خسائر أفدح، قد تصل إلى مئات أو مليارات الدولارات خلال الأشهر القادمة، جراء إعادة الشركات الأجنبية العاملة في الصحراء للنظر في نشاطاتها وفي وجود عمالها هناك.. وستضطر الجزائر إلى بذل مصاريف إضافية لحماية أمن المنشآت البترولية في الصحراء المترامية. ثالثا: الحرب في مالي وشظاياها التي تضرب الجزائر، لها علاقة بالترتيبات التي تجريها فرنسا في منطقة الساحل، من أجل العودة إلى هناك باستعمار مباشر، ولهذا وجب استخدام الجزائر كممرّ آمن لفرنسا إلى هذه المنطقة.. لا يمكن أن يبتلع مواطن سوي هجوم أكثر من 30 أجنبيا من خارج حدودنا، على منشآت بلدنا الحيوية بشاحنات أسلحة وصواريخ، ولا يعتبر ذلك عدوانا مؤكدا وعملا عسكريا أجنبيا بكل المواصفات. فإذا كان ضحايا فرنسا في شمال مالي مارسوا حق التتبع ضد الجزائر.. فماذا تفعل الجزائر لممارسة هذا الحق ضد بلعور والذين جعلوه يرى كما يجب الأهداف الجزائرية؟! ما حدث في عين أمناس لا يمكن أن يسكت عنه.. ولا بد من تقديم الحساب من الجهات التي قصّرت وتهاونت حتى حدث ما حدث.! ولا يمكن أن يغطي النجاح الذي حدث في معالجة المشكلة، المشكلة الأساسية وهي التقصير في حماية حدودنا، إن كان هناك بالفعل نجاح في معالجة المشكلة.! الجزائريون هذه المرة يرفضون أن تسجل عملية التقصير فيما حدث ضد مجهول، كما سجلت عمليات سابقة في تندوف وفي ورفلة.. وحتى في إليزي، من خلال اختطاف الوالي وتحريره دون تقديم الحساب عن الفاعل والمفعول به والمفعول لأجله والمتواطئ معهم؟!