اشتهر أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بإطلاع اللّه له على المغيّبات. قال الصّحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه: ''قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مقامًا فما ترك شيئًا يكون من مقامه ذلك إلى قيام السّاعة إلاّ حدّثه، حفظه مَن حفظه ونسيه مَن نسيه''، رواه البخاري. ومعجزات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ودلائل نبوته في إخباره عن أمور غيبية لا يمكن حصرها، وقد وقعت منه صلّى اللّه عليه وسلّم عن سؤال وغير سؤال، في مناسبات تقتضيها وأحوال تستدعيها. ولم يكن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ أو يكتب، ومع ذلك أخبر عن الأمم الماضية إخبار مَن علمها ووقف عليها، قال تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} هود:49، فأخبر صلّى اللّه عليه وسلّم عن اختصام الملأ في كفالة مريم، قال تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} آل عمران:44، وقصّ قصة تكليم اللّه لموسى عليه السّلام في الطور، قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رحمة من ربك لِتُنذِرَ قَوْماً ما أتاهم من نذير من قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} القصص:46، وغير ذلك من آيات ودلائل على صدق نبوته صلّى اللّه عليه وسلّم.. وقد كان أهل الكتاب يسألونه عن بعض أخبار الأمم السّابقة تعنّتًا وتعجيزًا، فينزل عليه القرآن ما يتلو عليهم منه ذِكْرًا، كقصص الأنبياء مع أقوامهم، وخبر موسى والخضر، وأصحاب الكهف وذي القرنين، بالإضافة إلى ما جاءت به السنّة من تفاصيل ودقائق عن أخبار تلك الأمم السّابقة والأنبياء السّابقين مع أقوامهم، ممّا صدقه فيه علماؤهم، ولم يستطيعوا تكذيبه، فمنهم موفّق سعيد آمن به صلّى اللّه عليه وسلّم، ومنهم شقيّ معاند تكبَّر ولم يؤمن به..