من معجزات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودلائل نبوته ما اطّلع عليه من الغيوب الماضية والمستقبلية، وإخباره عنها ووقوعها وفق ما أخبر صلّى الله عليه وسلّم. ومن المقرّر أنّ علم الغيب مختص بالله تعالى وحده، وقد أضافه الله تعالى إلى نفسه في آيات كثيرة من القرآن الكريم، قال تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} النمل:65، وقال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} الأنعام:59. والأنبياء جميعًا، مع علو منزلتهم، لا يعلمون الغيب ولا اطّلاع لهم على شيء منه، وقد قال الله تعالى عن كثير منهم أنّهم قالوا لأقوامهم: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} الأنعام:50، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ''مَن زعم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية''، رواه مسلم. وكما جاءت الأدلة تدل على أنّ الله تعالى اختصّ بمعرفة علم الغيب، وأنّه استأثر به دون خلقه، جاءت أدلة أخرى تفيد أنّ الله استثنى من خلقه من ارتضاه من الرّسل، فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} آل عمران:179، وقال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا × إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}، الجن:26-27.