كشفت دراسة جامعية ميدانية بغرداية، أن العنف ضد السيّدات تضاعف مرتين في العشرين سنة الأخيرة، كما تعرّضت 28 سيدة وفتاة لتحرّش جنسي أو اغتصاب في مناطق نشاط الشركات النفطية في الجنوب، في السنوات الخمسة الماضية. أحصت الدراسة التي أجراها باحثان جامعيان بتمويل من مؤسسة فرنسية تُعنى بحقوق المرأة، 32 جريمة قتل ضد سيّدات في مناطق الجنوب في السنوات العشر الماضية، بزيادة 50 بالمائة عن العشر سنوات الأخيرة، وإيداع 4027 بلاغ لدى العدالة حول تعرّض سيّدات وفتيات للعنف في 5 ولايات بالجنوب الجزائري في السنوات العشر الماضية. ورغم ارتفاع نسبة النساء المتعلمات في الجنوب في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الوضع قبل 40 سنة، فإن محاكم الأحوال الشخصية ومكاتب الحالة المدنية في ولايات غرداية وأدرار وتمنراست وورفلة وإليزي، سجلت 14 ألف عقد زواج لفتيات أقل من 16 سنة بتراخيص. وفي بعض الحالات، فإن سن الفتاة يقلّ عن 15 سنة. وفي مناطق عدّة بولايتي تمنراست وإليزي، فإن سن الزواج ينخفض إلى ما دون 15 سنة، ثم تطلّق الفتاة دون وجود أي إثبات للزواج الذي يكون بحكم العرف في القبيلة، وهي في سن لا يزيد عن 16 سنة، ويكون معها طفل أو اثنين. وأكدت الدراسة التي أجراها الباحثان الجامعيان، بن سيدي عبد النور وأسمول ماريا، بتمويل من مؤسسة ''آنديريا'' لحقوق المرأة في فرنسا، وتضمنت جمع إحصاءات من محاكم ومصالح إدارية في 5 ولايات بالجنوب طيلة عامين، أن مصالح الطب الشرعي في مستشفيات ورفلة وغرداية استقبلت ما بين 2004 و2009 نحو 2181 ضحية تعرّضت للضرب، وفي حالات محدودة الاغتصاب، وحتى الاحتجاز والقتل. وسجل في الفترة ذاتها دخول 1007 سيّدة إلى المستشفى بسبب الضرب، وفي أكثر من 45 بالمائة من حالات العنف ضد المرأة كانت الشكاوى ضد الزوج أو الأخ. وتبقى القضية الأهم، حسب الدراسة التي تتناول معاملة المرأة في عدّة دول بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، هي التحرّش والاغتصاب في مواقع العمل، حيث تعرّضت 28 سيّدة للتحرش الجنسي أو العنف في مواقع العمل في شركات نفطية تنشط في الجنوب، تضاف إليها ضحايا أحداث حي ''الهايشة'' في حاسي مسعود. والمثير هنا، حسب الدراسة، أن أغلب القضايا تم حفظها من قبل إدارة الشركات أو مصالح العدالة، ولم يتابع المتهمون فيها سوى بعقوبات غير رادعة. ومن أبرز هذه القضايا قضية السيّدة ''ق.ن''، عاملة في شركة سوناطراك، تعرّضت للتحرّش وبرّأت المحكمة المتهم في القضية، ثم عوقبت من قبل إدارة شركة سوناطراك. وقضية موظفة في مفتشية العمل بولاية غرداية، رفضت الإدارة الاستماع لشكاويها العديدة لمسؤولي مفتشية العمل على المستوى الجهوي. وأشارت الدراسة إلى استغلال السيّدات، خاصة المطلقات، في أشغال شاقة في التنظيف في شركات نفط مقابل أجور زهيدة، وإجبار عدد منهن على امتهان أعمال غير شريفة تحت التهديد بالطرد والفصل من العمل. وأشارت إلى زيادة نسبة استغلال تسجيلات فيديو مصوّرة لسيّدات في أوضاع مخلة بالآداب والتهديد بنشرها، حيث عالجت محاكم غرداية لوحدها أربع قضايا من هذا النوع خلال الأعوام الماضية. وتناولت الدراسة حالات الاعتداء المسكوت عنها، بسبب العرف العشائري والأسري المعمول به في الجنوب، حيث تؤكد الدراسة بأن ما يصل إلى المحاكم في مناطق الجنوب والصحراء حول تعرّض سيّدات للعنف أو إرغام فتيات قُصّر على الزواج العرفي تحت غطاء عشائري في سن أقل من 15 سنة، لا يزيد عن 30 بالمائة ممّا هو موجود في الواقع.