تصيب لغة الأرقام في المجتمع الجزائري المواطنين بالذعر عندما يتعلق الأمر بحجم العنف وعدد الجرائم الأخلاقية كالاغتصاب الذي أصبح ظاهرة مخيفة، على الرغم من أن الحالات المصرح بها بعيدة كل البعد عن الحقيقة المظلمة. فعلى الأقل تتعرض 300 سيدة سنويا إلى عنف جنسي أو ما يسمى بالاغتصاب، كما تتعرض الآلاف من النساء إلى تحرشات جنسية في الشوارع وأماكن العمل والأوساط العائلية. وتؤكد آخر حصيلة للدرك الوطني أن أكثر من 700 امرأة تعرضت للاغتصاب، نصفهن قصر لا تتعدى أعمارهن الثمانية عشر خلال الفترة بين سنة 2005 إلى غاية أواخر سنة 2007 من طرف أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و 40 سنة. وتبعت التحقيقات في القضايا المصرح بها بتوقيف حوالي ألف شخص متهم أو مشارك في جرائم الاغتصاب. وتقول بعض المصادر إن الاعتداءات الجنسية ضد النساء والتي تأتي في طليعة الجرائم البشعة غالبا ما يتم التستر عليها من طرف الضحايا ويرفضن التبليغ عنها خوفا من أن تتحول المرأة من ضحية إلى مذنبة في نظر المجتمع، الشيء الذي يفسر أن العدد الحقيقي للضحايا لا يمكن حصره. لكن مؤخرا بدأت المرأة التي تتعرض للاغتصاب بكسر جدران الصمت وتتقدم إلى مختلف مصالح الأمن للتبليغ، حيث يتم التحقيق في هذا النوع من القضايا في سرية تامة إلى غاية تقديم المتهمين أمام العدالة. فخلال سنة 2005، عالجت مصالح الدرك الوطني أكثر من 300 قضية اغتصاب تم توقيف خلالها أزيد من 370 شخص. وبقيت الأرقام في تزايد خلال سنة 2006، حيث تم توقيف 360 شخص في أكثر من 328 قضية اغتصاب، وأكثر من 246 قضية جديدة أيضا سجلت خلال سنة 2007. ولا تزال قضايا الاغتصاب في الجزائر أحد الطابوهات في المجتمع، مما دفع بمئات السيدات للمعاناة في صمت وتحاشي أروقة العدالة التي بالنسبة إليهن لا ترد لهن كرامتهن ولا تعيد لهن ما فقدوه من شرف، فالقانون الجزائري لا يسلط عقوبات صارمة ضد المغتصبين حيث تنتهي القضية بأحكام لا تتعدى بضع سنوات في السجن، في حين يبقى الضرر قائما ضد المرأة التي تعرضت للاغتصاب، من جهة، ونبذها من المجتمع والعائلة أيضا. ونظرا لتفاقم جرائم العنف الجنسي ضد المرأة، فإن مصالح الدرك الوطني بصدد تنصيب خلايا متخصصة للاستماع للنساء الضحايا وتنظيم حملات تحسيسية لتوعية المجتمع بخطورة ظاهرة الاغتصاب وحث كل من تعرضت لهذا النوع من الجرائم بالتبليغ ضد المجرمين من أجل وضع حد للظاهرة. ليلى مصلوب