مخاوف من انتقال ظاهرة المثليين إلى دول المغرب العربي أجمع الخبراء والمتدخلون في أشغال ملتقى دولي حول ''الأسرة الجزائرية بين المهام والتحديات'' الذي احتضنته بجاية، مؤخرا، على أن الأسرة الجزائرية مهددة بالانسلاخ عن التقاليد، مؤكدين أن السبب ليس تبعات ما يحدث للأسرة الأوروبية وإنما بسبب قابلية الأسرة الجزائرية للإفلاس والتفكك نتيجة فقدانها لمعالمها الاجتماعية من جهة ولمرجعيتها الثقافية والدينية من جهة أخرى. أكد جل المتدخلين من داخل وخارج الوطن أن الأسرة الجزائرية مقطوعة الأوصال وأنها الحاضنة الكبيرة لأغلب الآفات الاجتماعية التي تعرفها الأسر العالمية، مثل ارتفاع نسبة الطلاق وتضخم نسبة العنوسة وتفشي البطالة والانحراف الخلقي. ولم يستبعد الدكتور أحمد الأبيض من تونس والمتخصص في شؤون الأسرة انتقال ظاهرة المثليين إلى شمال إفريقيا تحت ذرائع كثيرة، وأن الغرب شرع في تسويقها اليوم بشكل سيقنع الحكومات بتبنيها باسم الحرية، مثلما حاولوا فعله لما قرروا رفع الولي عن المرأة في قانون الأسرة. وقال الدكتور أحمد الأبيض الذي قضى 16 سنة في سجون نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، كرّسها للبحث في شؤون الأسرة، إن شعوب شمال إفريقيا تملك القابلية لتحمل ويلات إفلاس الأسرة الغربية نتيجة الشقاق الذي ضرب الأسرة الإسلامية وتمرد المرأة المسلمة عن دينها الذي نصبها عمادا أولا للأسرة. وتقول الباحثة الجزائرية عائشة مسلم من جمعية العلماء المسلمين إن المرأة العاملة أصبحت مشكلة في العالم الإسلامي، وهي من أسباب تصدع الأسرة المسلمة، فالمرأة التي تقضي عشر ساعات في اليوم خارج البيت، تصبح غريبة عند أسرتها ومهمة تربية الأولاد بالشكل الصحيح سيكون مآلها الفشل. وترى الباحثة أن ارتفاع الأحداث في صفوف الأطفال سببه افتقار هؤلاء لأبسط قواعد التربية والترابط الأسري، وترى كذلك أن دور الحضانة لن تحقق ما فشلت فيه الأسرة الطبيعية. ولهذه الأسباب، تشير الإحصاءات الرسمية إلى مثول قرابة 11 ألف طفل سنويا أمام المحاكم بسبب جرائم مختلفة. وقالت نفس المتحدثة إنه خلال سنة 2012 سجلت المحاكم الجزائرية 56 ألف حالة طلاق، منها 48 ألف تخص النساء العاملات. وذكر الأستاذ تريكي فريد من كلية الحقوق بجامعة بجاية أن ظاهرة العنوسة أصبحت من المخاطر المحدقة التي تهدد استقرار وثبات الأسرة الجزائرية، نتيجة التنامي الرهيب لها خلال السنوات الأخيرة، حيث تشير الأرقام المتحصل عليها من جهات رسمية إلى تزايد ظاهرة العنوسة، وأرجع ذلك إلى انشغال الكثير من النساء بالعمل والبحث والدراسة وتجاهل دور الأسرة. وأشار المتدخلون، خلال النقاش، إلى أن هذه الظاهرة هي التي يعيشها المجتمع الأوروبي اليوم المائل إلى الانزواء والاعتزال عن الغير. وفي مداخلته، قال الأستاذ الدكتور أحمد يوسف أبو حلبية وهو عضو المجلس التشريعي الفلسطيني ورئيس مؤسسة القدس الدولية في غزة، إن الأسرة المسلمة في غزة أو الجزائر تمر بنفس الظروف وتواجه نفس التحديات، لأن رياح الإفلاس التي تعصف، اليوم، بالأسرة الغربية، لن تستثني أحدا لما يصل هبوبها إلى العالم الإسلامي بصفة عامة. وأضاف أن الأسرة الغزاوية، اليوم، تتسلح بالصبر والثبات لمواجهة الغطرسة الصهيونية وتختلف عن بقية الأسر العربية في كونها أسرة المقاومة والمواجهة. من جهته، قال الأستاذ مولاي عمر بن حماد من المغرب وهو مدرس بجامعة مكناس، إن الحل الأمثل لمواجهة الصفعات الغربية التي تأتي دون انقطاع، هو خلق جبهة أسرية مغاربية قادرة على رفع التحديات وتجنب التأثير بالإفلاس الغربي ويتحقق ذلك، حسبه، عن طريق محاربة الظواهر السلبية المشتركة، مثل مواجهة المواثيق الدولية المعارضة للشرع الإسلامي والتحدي الديمغرافي من خلال توجه المجتمع المغاربي إلى الشيخوخة نتيجة تبني مبدأ الأسرة النووية. وأشار الأستاذ مولاي كذلك إلى ضرورة محاربة ظاهرة العنوسة، من خلال الترويج لمبدأ تعدد الزوجات وإعادة الاعتبار لظاهرة الزواج المبكر وإلغاء القوانين التي تمنع زواج القاصر. وأضاف في تدخله إن الأسرة المغاربية تواجه، اليوم، ثالوثا خطيرا هو التنصير والتشيع والتطرف الديني واللاديني، وقال إن الحل الأمثل لحمايتها هو المواجهة بدلا من الاستسلام والتجاهل. مخاطر التلفزيونات الأجنبية كما انتقدت المحامية والناشطة الحقوقية فاطمة سعيدان من المنتدى العالمي للمرأة، الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأسرة، حيث أوضحت بأن الدول الغربية تقرر ولا تنفذ ولا تصادق عليها، بينما الدول الإسلامية تنفذ وتصادق ولا تقرر. وقالت إن أغلب الاتفاقيات موجهة لضرب الأسرة العربية والمسلمة بالدرجة الأولى والغاية من ذلك هو دفع المرأة إلى التمرد عن واجبها الطبيعي لتفكيك الأسرة بأكملها، واستدلت على ذلك بأن مواثيق حقوق الإنسان، تعتبر زواج قاصر تعديا على حقوقها، بينما ممارسة الجنس والفاحشة، فيعتبرونه حرية شخصية وحقا لها للاستمتاع بجسدها. وأشارت المتحدثة إلى أن الأفلام والمسلسلات التي تبثها القنوات الخليجية، عبارة عن سموم تهدد الأسرة الجزائرية، مضيفة أن نفس القنوات بصدد التحضير لبث أفلام أخرى حول المثليين وأن هؤلاء وباسم حقوق الإنسان سيضغطون على حكوماتهم للضغط بدورها على الحكومات الإسلامية لوضعها أمام سياسة الأمر الواقع. وحذرت المتحدثة الفتيات الجزائريات من تقليد المسلسلات التركية، مؤكدة أنها لا تعكس حقيقة المجتمع التركي وإنما هي موجهة للتسويق والاستهلاك. يذكر أن الملتقى الدولي الذي بادرت إلى تنظيمه جمعية ''جزائر الخير'' بالتنسيق مع جمعية ''بسمة''، شارك فيه أزيد من 24 محاضرا جلهم خبراء وباحثون وأساتذة جامعيون قدموا من مختلف ولايات الوطن وتونس والمغرب وفلسطين وماليزيا.