تراجع سن الزواج وارتفاع نسبة العزوبية من المشاكل العويصة التي تقف في مسار الأسرة الجزائرية، حيث أظهرت الإحصائيات التي قدمها السيد كمال شرفي أستاذ جامعي وعضو بمجلس الأسرة، على هامش فعاليات ملتقى تطبيق الخطة الوطنية لترقية وإدماج المرأة الذي نظمته وزارة الاسرة مؤخرا، أن 12.8 % من النساء عازبات مقابل 4.4 بالمئة من الرجال إلى جانب تأخر سن الإرتباط من 40 إلى 44 سنة للإناث ونفس السن بالنسبة للذكور. مشيرا إلى أن السبب الرئيسي للعزوبية وتأخر سن زواج الفتيات هو مواصلة الفتيات للدراسات العليا، إلى جانب مشكل السكن والظروف الاقتصادية. وأكد السيد شرفي على هامش مداخلته ضمن فعاليات تحضير مخطط الإستراتجية الوطنية للأسرة التي تعكف عليها وزارة الأسرة، أن الجزائر تعرف حاليا ثلاث أنواع من الأسر وهي كالتالي، الأسرة التقليدية وهي الأسرة التي لاتزال تخضع لسلطة الحماة كون الزوج يقيم مع العائلة الكبيرة لمدة طويلة إلى أن تتيسر الظروف ليحقق الاستقلالية، أما النوع الثاني فيتمثل في الأسرة الانتقالية وهي متمسكة بالتقاليد ومواكبة للعصرنة، وهي تضم عددا هائلا من الأسر الجزائرية. أما النوع الثالث فيتمثل في الأسرة الغربية وهي نموذج مقرب عن الأسرة الأوروبية في العديد من الجوانب إلا أن عددها قليل جدا. وقدم المتدخلون من أخصائيين في علم الاجتماع، ودكاترة في الجامعات الجزائرية مجموعة من الإقتراحات للخروج بتوصيات تحد من العزوبية التي باتت تشكل خطرا على الشباب، خصوصا أنها لم تكن من اختيار الشاب أوالشابة إنما فرضتها الظروف الصعبة. كما ترى الدكتورة شريفة محاضرة بجامعة الجزائر "يوسف بن خدة"، أن أهم شيء يمكن الاعتماد عليه في الحفاظ على وجود الأسرة تماسكها وعيشها في ظروف معقولة هو وجود سكن مريح يضمن راحة كل أفرادها، بحيث يمكن لكل فرد القيام برغباته دون إزعاج الآخر. وأشارت إلى أن البيوت المتكونة من غرفة يمكن أن تكون حلا مناسبا لاستقلالية الفتيات أوالشباب الذين لم يسعفهم الحظ في الزواج. من جهة أخرى، أشار بعض المتدخلين إلى أن الجانب الاقتصادي- المادي- يلعب دورا هاما في تماسك الأسرة، فكلما كانت الظروف المادية مريحة، استطاع أفراد الأسرة العيش في أجواء من الراحة النفسية بعيدا عن القلق والضغوطات، والعكس صحيح. وترى الدكتورة شادية شقروش محاضرة لدى جامعة تبسة (أدب عربي سيمولوجيا) وباحثة حول المجتمع، أن السبيل الأنسب للمحافظة على تماسك الأسرة الجزائرية رغم التغيرات التي تفرضها وتيرة الحياة العصرية هو المعالجة السلسة والسليمة لسيناريوهات المسلسلات الجزائرية، حيث حملت السيناريست والمخرجين مسؤولية التماسك من خلال تقديم أعمال قيمة راقية وهادفة وأضافت: "أنا شخصيا أعول كثيرا على الممثلين حيال موضوع تماسك الأسرة، فالكثير من العائلات تتابع الأعمال التلفزيونية الجزائرية عن كثب، إلا أنه من الضروري إعادة صياغة سيناريوهات الأفلام والمسلسلات وفق الواقع الجزائري، ومن واقع المرأة الجزائرية بالذات، فمن الضروري أن يدرك الجميع الأسباب الحقيقية لتأخر سن الزواج وقلة فرص ارتباط الفتيات عند اختيارهن لمواصلة المشوار الدراسي الطويل المدى الذي يثمن بشهادة الدكتوراه، إذ يمكن من خلال الاعتماد على الفن الذي يعتبر بوابة القلوب توعية الرجل بطريقة ذكية". كما ذكرت أن الأسر الجزائرية تتميز بتعدد مشاربها الثقافية نظرا لوجود كم هائل من الأسر على غرار الأسرة القبائلية، الترقية، الشاوية وغيرها وتتدخل في تكوينها العقائد الدينية، والعرفية والأسطورية أيضا، لذا فإن وضع برنامج يخدم الأسرة أمر صعب جدا يتطلب الصول إلى أعماق طبقات الوعي المجتمعي بصورة منطقية ، لأن تغير الذهنيات يحتاج للهدم والبناء من جديد.