تحوّلت دور السينما بتبسة، سيما قاعة المغرب بعاصمة الولاية، وقاعات الكويف والونزة وبوخضرة، إلى هيكل دون روح بعدما تدهورت وضعيتها وأضحت عشا مفضلا لطائر اللقلق ومختلف العصافير وأنواع الجرذان. تعرّضت مع مرور السنوات، قاعة سينما المغرب بمدينة تبسة، إلى تدهور تام على مستوى البناية، فلم يتبق منها سوى الاسم، بعد أن عاشت سنوات ازدهار، احتضنت فيها مهرجانات دولية في السينما والفيديو ونشاطات فكرية وإبداعية مختلفة، ولم تفلح محاولات المجالس البلدية المتعاقبة في فرض طريقة تسيير لها تسمح باسترجاعها كفضاء فكري وفني رفيع المستوى. ويمكن للزائر الوقوف على الحالة الكارثية للقاعة، بعد أن تحطمت كل الأبواب والنوافذ وهشّمت المقاعد عن آخرها، بما فيها الشرفة العلوية التي كانت تعطيها رونقا وجمالا، أبهر كبار المخرجين في نهاية الثمانينيات. كما عبثت مهرجانات الحملات الإنتخابية لأحزاب وأحرار بما تبقى منها، وقد فشلت كل مساعي الخواص في استئجارها بالنظر إلى ارتفاع الأسعار التي طلبتها البلدية المالك الرسمي والوحيد. هذه الوضعية تنطبق تماما على بقية دور السينما في الولاية والتي شيدت من قبل قطاع المناجم قبل سنوات قليلة من الاستقلال. فقاعة السينما ب''الكويف'' بقدرة استيعاب تتجاوز 1000 شخص. وبينما تم استغلال جزء منها كفرع لمحكمة الأحوال الشخصية، انهار سقف البناية وتعرضت كل جدرانها للاهتراء نتيجة الإهمال وعدم قدرة الجماعات المحلية على التكفل بصيانتها. ولم تسلم الهياكل الفنية والثقافية لبلديتي وزنة وبوخضرة من المصير المشؤوم نفسه، منها قاعتي السينما التي تتميز ببصمات عمرانية جمالية رائعة، بحيث لا زالت تحتفظ بمقاييسها العالمية في التصميم والمطابقة لهذه الأنشطة الفنية. وأوضح سحار مدير الثقافة بولاية تبسة، بأن قاعة سينما المغرب خصصت وزارة الثقافة بهدف ترميمها، غلافا ماليا ب 5 ملايير سنتيم، ولم ينجز من المشروع شيئا، بسبب رفض البلدية لمقترحات الوزارة، إما التنازل عن الاستغلال لمدة 30 سنة أو التنازل عن الملكية، وهي نفس الإشكالية المطروحة على مستوى قاعات الكويف، الونزة وبوخضرة، رغم أن القاعات الأربع أدرجت في برنامج وطني لرد الاعتبار لدور السينما واسترجاعها، لكن لم تتقدم ولاية تبسة بخطوة واحدة في هذا الاتجاه، بسبب تعنت المجالس البلدية التي ينتظر منها سكان تبسةّ، الإسراع في إتمام الإجراءات قصد التحضير لقفزة نوعية على مستوى النشاط الفني والفكري التي ستكون بعد تأهيلها فضاء لهم. وتناشد النخبة المثقفة على مستوى الولاية إلى تكثيف الجلسات والتنسيق بين مديرية الثقافة والبلديات المعنية، قصد تسريع المشروع، لأن ملكية القاعات ستبقى للشعب الجزائري، سواء تحت إشراف الجماعات المحلية أو وزارة الثقافة فالمهم أن تبعث فيها الروح من جديد.