توقفت الحياة في غرداية لساعة تقريبا، عصر أمس، وبدا منظر المدينة حزينا وهي تودع الطفل المغدور به، ولا حديث في غرداية الآن سوى عن وحشية الاعتداء على الطفولة. شيع الآلاف من سكان بني يزفن ومواطنون من غرداية الطفل مهدي، في جو حزين إلى مثواه الأخير في مقبرة قصر بني يزفن، مرددين عبارة ''ننهى عن المنكر''، وطالب الآلاف من المواطنين بالقصاص من القاتل. تشابهت وجوه مشيعي الطفل الذي فضل الكثير من الناس في غرداية تسميته ب''الشهيد''، منظر بكاء الرجال والنساء بدا عاديا بعد أن تأثر كل من حضر جنازة مهدي بكلمة إمام مسجد بني يزفن الكبير، الشيخ بكلي، نائب رئيس مجلس عمي سعيد لقصور غرداية، وكرر كل من حضر الجنازة عبارة ''ننهى عن المنكر'' التي تعد من التراث الديني في منطقة قرى وادي مزاب. ولم يغب أي من الرسميين عن الجنازة التي شارك فيها ما لا يقل عن 7 آلاف مشيع، وراقبت قوة من الدرك الوطني مسار الجنازة ومواقع حيوية في محيط قصر بني يزفن، وفضل إمام مسجد بني يزفن، الذي أم صلاة الجنازة، الدعوة لكي يطهر الله المجتمع من الخبائث والمعاصي. وبدت جثة الطفل المغدور به النحيلة وهي تغادر المصلى إلى المقبرة على مسافة عدة مئات من الأمتار، أصدق تعبير عن ضعفه في مواجهة قسوة الجريمة التي تفشت في المجتمع. وتعالت نداءات النهي عن المنكر من داخل المقبرة، لكي ينتهي مشوار مهدي الحزين. وفي اللحظة الأخيرة، وقبل ساعات عن الجنازة، قرر أعيان بني يزفن، تأجيل مسيرة سلمية اقترحها الآلاف من المواطنين للتنديد بالجريمة النكراء التي تعرض لها طفل في عمر الزهور، وطلبوا من الشباب الغاضب التزام الهدوء وترك الأمور في يد العدالة والتحقيق. ولكن هذا الطلب لم يكن ليثني الآلاف من الناس الذين شددوا على المطالبة بالقصاص العادل والشرعي. وذهب بعض الغاضبين إلى حد مطالبة السلطات بتنفيذ الحكم الشرعي في القاتل، وهو الإعدام في أجل محدد، بينما طالب آخرون بمحاكمة شعبية وغير رسمية للقاتل بعد الإيقاع به. وتبدو هذه المطالبة طبيعية حسب مصدر مسؤول من ولاية غرداية من أناس ما زالوا تحت تأثير الصدمة.