أولَت الشّريعة الإسلامية اليتيم عناية فائقة، من حيث تربيته ورعايته ومعاملته وضمان سبل العيش الكريم له، حتّى ينشأ عضوًا نافعًا في المجتمع المسلم. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''أنا وكافل اليتيم في الجنّة هكذا. وأشار بالسّبَّابة والوُسطى وفرَّج بينهما شيئًا''، رواه البخاري. قال الله سبحانه تعالى: {فأمّا اليتيم فلا تقهر} الضحى .9 وقال تعالى: {أرأيت الذي يُكذِّب بالدّين، فذلك الذي يدُعُّ اليتيم} الماعون 1 .2 وهاتان الآيتان تؤكّدان على العناية باليتيم والشّفقة عليه، كي لا يشعر بالنّقص عن غيره من أفراد المجتمع، فيتحطّم ويصبح عضوًا هادمًا في المجتمع المسلم. كفالة اليتيم من أعظم أبواب الخير قال الله تعالى: {يسألونَك ماذا يُنفِقون قُل ما أنفقتُم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السّبيل وما تَفْعَلُوا من خيْرٍ فإنّ الله به عليم} البقرة .215 وقال تعالى: {واعبُدوا الله ولا تُشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القُربَى واليتامى والمساكين والجار ذي القُربى والجار الجنُب والصّاحب بالجَنب وابن السّبيل وما ملكت أيْمانُكم إنّ الله لا يُحبّ مَن كان مُختالاً فَخورًا} النساء .26 ووردت أحاديث كثيرة في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه، فعن مالك بن الحارث أنّه سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: ''مَن ضَمَّ يتيمًا بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتّى يستغني عنه وَجبَت له الجنّة''، رواه أحمد. الرّسول الكريم أرحَم النّاس باليتيم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''أنا وكافل اليتيم في الجنّة هكذا، وأشار بالسّبَّابة والوُسطى وفرَّج بينهما شيئًا'' رواه البخاري، قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: حقٌّ على مَن سَمِع هذا الحديث أن يعمَل به ليكون رفيق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الجنّة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك. ثمّ قال ابن حجر: وفيه إشارة إلى أنّ بين درجة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكافل اليتيم قدر تفاوُت ما بين السّبَّابة والوُسطى. وأضاف: قال شيخنا في شرح الترمذي لعلّ الحكمة في كون كافل اليتيم يُشبه في دخول الجنّة، أو شُبِّهَت منزلته في الجنّة بالقُرب من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو منزلة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لكون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شأنه أن يُبعَث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلاً لهم ومُعلِّمًا ومُرشدًا، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة مَن لا يعقل أمر دينه بل ولا دُنياه، ويُرشدُه ويُعلّمه ويُحسن أدبه، فظهرت مناسبة ذلك. وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ''مَن مسَحَ رأس يتيم، لم يمسحه إلاّ لله، كان له بكلّ شعرة مرَّت عليها يدُهُ حسنات. ومَن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنتُ أنا وهو في الجنّة كهاتين، وفرَّق بين أُصبعيه السّبَّابة والوُسطى''، رواه أحمد. كما عدّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير بيت من المسلمين بيتًا فيه يتيم يُحسَن إليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''خيرُ بيت في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسَن إليه، وشرُّ بيت في المسلمين فيه يتيم يُساء إليه''، رواه ابن ماجه. وعد راعي اليتيم بالأجر الكثير وعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالأجر العظيم مَن تكفَّل برعاية الأيتام، فعن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن عال ثلاثةً من الأيتام كان كمَن قام ليله وصام نهاره وغَدَا وراحَ شاهرًا سيفه في سبيل الله، وكنتُ أنا وهو في الجنّة أخوين كهاتين أُختان. وألصَق إصبعيه السّبَّابة والوُسطى''، رواه ابن ماجه. كما جعل الإحسان إلى الأيتام علاجًا لقسوة القلب. فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنّ رجلاً شكَا إلى النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قسوةَ قلبه، فقال: ''امْسَح رأس اليتيم وأطْعِم المسكين''، رواه أحمد. ورتّب على ذلك الأجر العظيم، حيث يكسب المرء الحسنات العظام بكلّ شعرة يمسح فيها على رأس ذلك اليتيم. فعن أبي أمامة، رضي الله عنه، أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''مَن مسَحَ رأس يتيم لم يمسحه إلاّ لله كان له بكلّ شعرة مرَّت عليها يدُهُ حسنات ومَن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنتُ أنا وهو في الجنّة كهاتين. وفرَّق بين أُصبعيه السّبَّابة والوُسطى''، رواه أحمد.