أتذكر أن الرئيس بوتفليقة هاجم الشركة الكندية (اس ان سي) لافلان في خطاب رسمي ألقاه بمونريال في بداية الألفية، عندما زار كندا.. واتهم بوتفليقة هذه الشركة، وقتها، بأنها تمارس الفساد والرشوة.. وأنها أرشت مسؤولين بالجزائر أثناء بنائها لمشروع رياض الفتح.. وقال بوتفليقة: إن المشروع كلف الجزائر أكثر من 90 مليون دولار، كان هدية من كندا للجزائر.. ولكن الشركة أخذت المشروع بشبهة فسادية. وإذا كانت هذه الشركة معروفة لدينا بالفساد والإفساد، وتعرف ذلك أعلى سلطة في البلاد.. فكيف، إذن، تمت عملية إعطاء هذه الشركة مشاريع كبرى في الجزائر بمليارات الدولارات.. ولا تقوم السلطة بمراقبة هذه العملية؟! كيف دخلت، إذن، لؤلؤة ''لافلان'' في محارة الجزائر؟! الطريف في الموضوع هو أن الرئيس الذي يعرف فساد هذه الشركة، لم يسمع بفسادها في المشاريع التي أخذتها في عهده، حتى فجرها الكنديون والإيطاليون؟! والأغرب من هذا كله أن مدير شركة سونلغاز قال إنه سيطلب من الشركة الكندية، رسميا وكتابيا، أن تزوّده بالمعلومات.. إن كان هناك وسيط في عملية إبرام الصفقات؟! صدقوا أو لا تصدقوا، هكذا قال مدير سونلغاز؟! عبد المجيد عطار، الوزير والمدير السابق لسوناطراك، قال في كلمة مؤثرة له: اللّه يستر سوناطراك! والخبير العربي ساركيس قال إن الرئيس بوتفليقة قد وجد الكلمة المناسبة للتعبير عما حدث من فساد في سوناطراك، وهي قوله إنه ''ساخط''.! لكن سخط الرئيس لا يكفي، وينبغي أن يسخط هؤلاء الذين سخطوا أهم شركة عربية ارتبط اسمها بمعارك التحرير للمحروقات، ليس في الجزائر فقط، بل في العالم العربي كله.! هذه الشركة التي كانت تصدّر البترول والغاز الجزائري.. وتصدّر معه الحرية إلى أصقاع العالم.. كيف حوّلها رجال الرئيس بوتفليقة إلى مؤسسة لتصدير الفساد إلى كل أصقاع العالم؟! إنه لأمر محزن، فعلا، أن يحدث ما حدث للإرث النضالي التاريخي للحرية التي قادتها الجزائر في تحرير المحروقات بهذه الشركة، أن يحدث لهذا الإرث ما حدث له في روما وفي كندا، وربما في إسبانيا وفي فرنسا وفي بلجيكا.. والبقية تأتي. هل خان رجال بوتفليقة الرئيس، وخانوا سوناطراك والجزائر.. مثلما خان بعض المجاهدين الشهداء في الاستقلال، من خلال انغماسهم في الملذات والفساد، ونسوا الجهاد وعهد الشهداء؟! إن السخط لا يكفي لتصحيح الأوضاع الكارثية.. هذا إذا كانت هناك إمكانية لتصحيح هذه الأوضاع أصلا؟! لقد تعبت فعلا! [email protected]