بوتفليقة ساخط على قضايا الفساد بسوناطراك عبر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، عن سخطه واستنكاره لما أثير حول فضائح سوناطراك، مؤكدا ثقته في العدالة الجزائرية لفك خيوط وملابسات هذه القضية. وقال بوتفليقة في رسالة إلى العمال بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وإنشاء الاتحاد العام للعمال الجزائريين " لا يجوز لي ان أمرّ مرور الكرام على ما تناولته الصحافة مؤخرا من أمور ذات صلة بتسيير شركة سوناطراك"مضيفا أنها "أمور تثير سخطنا واستنكارنا»، وأكد أن القضية ستعالج بحزم وصرامة وأن المسؤولين عليها سيعاقبون وفق ما تنص عليه القوانين، في إشارة واضحة إلى أن العدالة ستأخذ مجراها وأن المسؤولين السامين الذين ضلعوا في قضايا فساد لن يفلتوا من الحساب، حيث عبر بوتفليقة في الرسالة عن ثقته " في أن عدالة بلادنا ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا»، ما يعني إعطاء ضوء أخضر للعدالة للذهاب إلى أقصى حد في معالجة الملف، وكذا تطمين الرأي العام بأن القانون سيطبق حتى على رجال شغلوا الصف الأول في الحكم، على غرار وزير الطاقة السابق شكيب خليل الذي ورد اسمه فيما سمي بقضية سوناطراك2 التي تفجرت في ايطاليا وامتد لهيبها إلى الجزائر. وكان وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي قد كشف يوم الأربعاء أن السلطات العليا قد أعطت تعليمات لسوناطراك للدفاع عن مصالحها أمام العدالة، متعهدا باتخاذ “الاجراءات الضرورية" فور انتهاء العدالة من عملها. وسبق للنائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي أن أعلن في العاشر فيفري عن توسيع التحقيق في قضية سوناطراك2 بعد المعلومات التي نشرتها صحف وطنية نقلا عن صحف ايطالية حول ضلوع مسؤولين جزائريين في قضايا فساد، حيث حامت شبهات حول تلقيهم رشى من شركات إيطالية استفادت من صفقات ضخمة قدرت ب11 مليار دولار مع سوناطراك ، وتمت الإشارة بالاسم إلى وزير الطاقة السابق شكيب خليل وابن أخ وزير الخارجية السابق محمد بجاوي فريد بجاوي ، ولفت النائب العام إلى أن القضية كانت موضوع تحقيق تم فتحه بالقطب الجزائي المتخصص بسيدي محمد، قبل أن تتقدم نيابة الجمهورية بالتماسات إضافية بعد التفاصيل التي قدمتها الصحافة إثر التحريات التي قامت بها العدالة الإيطالية بخصوص الصفقات التي أبرمها العملاق ايني وفرعه سايبام مع سوناطراك الذي يشتبه الايطاليون في أنها منحت بعد استفادة مسؤولين جزائريين من رشى تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار. ورغم بيان النائب العام وتأكيدات وزير الطاقة بأن القانون سيأخذ مجراه إلا أن القضية أخذت أبعادا سياسية، وباتت تثير المخاوف، خصوصا أنها جاءت بعد أيام من الاعتداء الارهابي على منشأة تيقنتورين، الذي حدث في ظرف إقليمي حرج أصبحت الجزائر فيه مطوقة بحزام ناري، وباتت الأطماع الغربية في مصادر الطاقة شبه معلنة في الأدبيات السياسية والاعلامية الدولية. ورغم تأكيدات الرئيس المدير العام لسوناطراك الأسبوع الماضي أن صورة الشركة التي تطعم الجزائريين لم تتضرر، إلا أن المخاوف لم تتبدد كلية خصوصا مع حديث الصحافة الكندية عن شبهات مماثلة في صفقات “أس أن سي لافلان"مع سوناطراك والمقدرة بنحو ستة ملايير دولار وتم ذكر اسم فريد بجاوي مجددا في القضية. وأصبح الملف وجبة يومية للجزائريين فيما تردده الأحزاب وتتناوله وسائل الاعلام، خصوصا بعد الرسالة المفتوحة التي أثارت تساؤلات والتي وجهها نائب المدير العام السابق في مؤسسة سوناطراك حسين مالطي إلى مدير دائرة الاستعلام والأمن، والتي حملت تشكيكا في رغبة السلطات في معالجة ملف الفساد، وذهبت بعض القراءات الإعلامية إلى حد الربط بين ما أثير حول ملفات سوناطراك والاستحقاق الرئاسي القادم. وبقدر ما يمنح موقف بوتفليقة الضوء الأخضر لمعالجة قضايا سوناطراك، بقدر ما يتضمن رسالة سياسية، فحواها أنه لن تتم حماية المفسدين الذين يثبت القضاء تورطهم .