قال صلاح الدين عباسي، باحث في علم النفس الإجرامي في فرنسا، وباحث لدى معهد ''إيرتا'' لدراسة الإرهاب في كندا، في هذا هذا الحوار ل''الخبر''، إن ظاهرة اختطاف الأطفال ظاهرة قديمة في كل المجتمعات وليست جديدة في الجزائر، وأهدافها تختلف باختلاف الدافع المعنوي (نية الجاني) لمرتكب الجريمة، فقد تكون لأهداف مالية كطلب فدية، أو المتاجرة بالأطفال أو بأعضائهم البشرية أو لأغراض السحر والشعوذة، أو لمجابهة نزاعات عائلية كالهروب بالطفل إلى الخارج، أو تكون لأهداف إجرامية بنية الاعتداء الجنسي على الضحية، وغالبا للأسف ما تنتهي بقتل الطفل بنية محو الأدلة. وهذه الظاهرة تخص الأطفال من سن الولادة إلى سن البلوغ وكلا الجنسين معا، لكن اللافت أن ما يردع الظاهرة غير متوفر في القوانين، عكس البلدان الغربية التي تحرك فيها هذه الظاهرة حكومات بأكملها، فهي لا تحظى بالاهتمام اللازم في الجزائر، لأن ما اعتاد عليه سياسيونا هو اتباع أسلافهم وتطبيق القوانين التي أكل عليها الدهر وشرب مع أن القدرات العلمية والمادية متوفرة. هل تصف سلوك أجهزة الدولة ب''لا مبالاة'' تجاه الظاهرة؟ في العشرية الحمراء كم فقدت الجزائر وكم هي كثيرة أخبار القتل في البلدان العربية في الوقت الحالي، لقد تم ترويضنا على التهام معلومات الخطف والقتل كما نلتهم غداءنا اليومي. فالشعب الجزائري كان أكثر تضامنا زمن الاستعمار مما عليه الآن، والمشكلة اليوم ليست في عدم الاهتمام من طرف المسؤولين الجزائريين بهذا النوع من الجرائم، بل المشكل هو عدم الاختصاص، وبالتالي عدم إعطاء المسؤولية قدرها، فتفسير ظاهرة اختطاف الأطفال على أنها ظاهرة مستوردة من التفسيرات العقيمة، كما أن الشرطة لا شك أنها تعمل ما تستطيع عمله، لكن ما ينقصها هو الإمكانيات، والخبرة والكفاءة في معالجة هذه المواضيع، بالإضافة إلى سند وسائل الإعلام، وبالتالي المجتمع، من أجل تحسيس الرأي العام وتوقيف الخاطفين في أقرب وقت. هل تحسيس الأطفال بديل يكفي لمنع اختطافهم ؟ توعية وتحسيس الأطفال ليس الحل، بل جزء مساعد فقط، لأن أغلب حالات الاختطاف تتم بالقوة أو من قبل أشخاص يعرفهم الطفل الضحية. وفي ظل الحرمان المادي والفقر، فالأطفال وخاصة الفقراء منهم يتم استهواؤهم بسهولة. ما يهم هو توعية الآباء وضخ روح التضامن في المجتمع من جديد. هل تتصور أن عقوبة الإعدام حل مجد لكبح الظاهرة؟ نتفهم أن من يعتدي على البراءة الملائكية لا يمكن إلا أن يكون ذا نفس شيطانية، ولكن ليس معنى ذلك أن الإعدام هو الحل في كل الحالات، لكنه يعد كعقوبة صارمة مطبقة في حالات ما، الأهم أيضا هو برامج إعادة تأهيل وإدماج المجرمين في المجتمع واستنفاد كل طرق الوقاية لما لها من فائدة ليس فقط على المجتمع بل المجرم أيضا.