أمّا عن مناسك العُمرة فأوّلها الإحرام من الميقات، تنوي الإحرام بالعمرة وتقول: لبيك اللّهمّ لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك إنّ الحمد والنِّعمة لك والملك لا شريك لك، فإذا وصلت مكة فطُف بالكعبة سبعة أشواط تبتدئ من الحجر الأسود مكبِّرًا وتنتهي إليه، وتذكُر اللّه بما تشاء من الذِّكر والدعاء المشروع والثابت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. ويسن أن تقول في كلّ شوط، بين الركن اليماني والحجر الأسود، ''ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النّار''. ويسن للرجل أن يرمل (الرمل: سرعة المشي مع مقاربة الخُطى) في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، مع الاضطجاع وهو الكشف عن الكتف الأيمن، ثم اذهب إلى الصفا واصعد عليه واقرأ قوله تعالى {إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلٍيمٌ} البقرة:158، ثمّ استقبل الكعبة واحمد اللّه تعالى وكبّره ثلاثًا رافعًا يديك وادع وكرّر الدعاء ثلاثًا، وقُل ''لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير''، ''لا إله إلاّ اللّه وحده، أنجَزَ وعْدَهُ ونَصَرَ عبده وهَزَمَ الأحزاب وحده'' ثلاثًا، ثم انزِل وَاسْعَ سبع مرّات، تسرع في سعيك بين العلمين الأخضرين، وتمشي المشي المعتاد قبلهما وبعدهما، ثمّ تصعد إلى المروة وتحمد اللّه وتفعل كما فعلت على الصفا، فإذا أتممتَ سعيك فاحْلَق أو قصِّر شعر رأسك، وبذلك تمّت عمرتك. ويجب على المحرم أو المحرمة بحج أو عمرة، أن لا يأخذ من شعره أو أظافره شيئًا، وإذا سقط منها شيء دون قصد فلا شيء عليه، وأن لا يتطيّب في بدنه أو ثوبه، وأن لا يتعرّض للصيد البري، بقتل أو إعانة عليه، وأن لا يخطب النساء ولا يعقد عليهنّ لنفسه أو لغيره ولا يجامعهنّ. ويحرم على المرأة، وقت الإحرام، أن تلبس القفازين وأن تستر وجهها بالنِّقاب، وأن لا يلبس الرجل مَخيطًا أو محيطًا من الثياب، فإن فعل شيئًا من هذه الأمور متعمّدًا وجب عليه الفدية، وإن فعلها ناسيًا أو جاهلاً فأدرك ذلك قريبًا وعاد فلا شيء عليه، وإن طال به فعليه الفدية. كما يسنّ زيارة مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وزيارة قبره صلّى اللّه عليه وسلّم قائلاً: ''السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته'' وصلّ عليه، كما أن قبري أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما عن يساره، سلّم عليهما وادْعُ لهما بالمغفرة والرّحمة. ولا يجوز التمسّح بتلك القبور ولا دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ولا صاحبيه، ولا الاستعانة بهم، لأنّ ذلك شرك، قال اللّه فيه {إنّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} النساء:48. ويُسنّ لك زيارة مسجد قُباء والصّلاة فيه وزيارة مقبرة البقيع، قائلاً: ''السّلام عليكم أهل دار من المؤمنين والمسلمين وإنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون نسأل اللّه لنا ولكم العافية''، رواه مسلم. وعليك، يا مَن وفّقك اللّه لأداء العمرة، أن تحمد اللّه على هذه النّعمة وأن تتّقي اللّه في سرّك وعلانيتك، وأن تجتنب نواقض الإسلام، وأن تجتنب الشركيات والبدعيات، وأن تتخلّق بآداب الإسلام وأخلاق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كالصفح والعفو والتّسامح والتّعاون ولين الجانِب ، خاصة في المواطن الّتي يكثر فيها الزحام، فامسِك يديك عن أذية إخوانك المسلمين، وامسِك لسانك عن سبّهم أو شتمهم أو قذفهم بكلام بذيء جارح، فأذية إخوانك المسلمين محرّمة، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ''ما مِن شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حُسنِ الخُلُق، وإنّ اللّه يبغض الفاحش البذيء''، أخرجه أحمد والترمذي وابن حِبّان وغيرهم وهو صحيح.