غريب أمر وزراء داخلية الجزائر.. يسكتون دهرا وعندما يتكلّمون ''ينطقون كفرا''، كلام يسهم، في الكثير من الأحيان، في صبّ الزيت على النار.. لنعد، قليلا، بذاكرتنا إلى الوراء: منذ أكثر من عقدين قال وزير للداخلية، لا أريد ذكر اسمه، لا لشيء إلا لأنه لم يعد من بين الأحياء، قال: تكلّمت مع الطائرة. وقبل أكثر من عشرية، ارتكب الوزير نور الدين يزيد زرهوني جملة من الهفوات، من خلال تصريحات عدة استغرب لها الجميع، لكن أخطرها كان في عزّ أحداث منطقة القبائل، سنة ,2011 عندما وصف المرحوم ماسينيسا فرماح بأنه ''خارج طريق''، قبل أن يعتذر لعائلته، عندما اضطرت إلى نشر شهادته المدرسية عبر الصحافة المكتوبة. واليوم يقول خليفته، دحو ولد قابلية، كلاما أقل ما يمكن وصفه به أنه كلام غريب يفتقد إلى المنطق.. فقد قال إن الإرهابيين الذين هاجموا المنشأة الغازية بتيفنتورين من أبناء المنطقة، قبل أن تكذبه تصريحات وزير الاتصال، محمد السعيد، التي أكدها الوزير الأول، عبد المالك سلال، والتي كشفت بأن عناصر المجموعة الإرهابية قدِموا من بلدان عربية وغربية شتى. تصريحات ولد قابلية تلك أثارت غضب أبناء الجنوب، فثاروا يطالبون بالاعتذار و''التوبة''، وبقي الوزير يواصل تصريحاته الغريبة.. الوزير، الذي يعلم كل شيء، كونه المسؤول الأول عن جهاز الشرطة، قال للجزائريين بأن زميله السابق في الحكومة، شكيب خليل، لم يدخل التراب الجزائري.. لكن الصحافة، التي كذّبها في الأول، عادت لتكذّب ما كذّبه الوزير الذي يعلم كل شيء، نظريا. وعاد الوزير ثانية ليخوض في موضوع عمليات الاختطاف، ويصنّف 80% من بلاغات اختطاف الأطفال في خانة البلاغات الكاذبة، رغم أن شيماء، قبل أسابيع، والطفلين البريئين، ابراهيم وهارون، اغتيلوا بصفة شنيعة وبشعة من قِبل مختطفيهم.. هذه عينات من تصريحات ''خاطئة'' لوزير داخلية خاض في مواضيع عدّة أخرى، كجواز السفر البيومتري والأسواق الفوضوية (والقائمة طويلة)، وكذّب الواقع كل ما قاله، ومع ذلك بقي يواصل تصريحاته، وكأن شيئا لم يحدث. لنا أن نطلب أمرا بسيطا من حكامنا: لا تستصغروا عقولنا، ولا تضحكوا على ذقوننا، واصمتوا أحسن من أن تتفوّهوا بمثل هذه الحماقات.