ما زال وزير الداخلية دحو ولد قابلية يدلي بتصريحات بعيدا عن واجب التحفظ الذي جعل من وزرائنا لا رأي لهم خارج إطار برنامج فخامة الرئيس الذي لا نعرف عنه إلا هذا العنوان وصلاحيات الرئيس التي لا نرى منها إلا غياب الحكومة وسلطة الدولة في أعقد وأحلك الظروف... ولسنا هنا لنطلب من ولد قابلية أن يلتزم ببرنامج الرئيس وصلاحياته ويكف عن إبداء رأيه، بل العكس، عدم إتقان وزيرنا للداخلية فن الخطابة الرسمية، يجعله أكثر صدقا وأكثر تعبيرا عن حقيقة الذهنيات التي تحكم الجزائر. فمن كثرة صمت السلطات الجزائرية وغياب قنوات الاتصال عندها، أصبح الكثير منا يعتقد أن مسؤولينا يقضون معظم وقتهم في التفكير في مصلحتنا ولذلك لا يتفرغون للكلام. هم يفعلون ولا يقولون وربما أفعالهم لا نراها لأنهم لا يحبون الإشهار لإنجازاتهم من جهة، ونحن لم نواكب سرعة هذه الإنجازات لقلة تحكمنا في تكنولوجيا الاتصال الحديثة، مثلما نبهنا إليه وزير الاتصال الجديد مؤخرا من وهران. والبعض الآخر منا له رأي معاكس، أي يرى في صمت الحكومة تغطية للعجز وفقدان الوزراء لأدنى سلطة للقرار في قطاعاتهم... وباختصار، غياب الاتصال الحكومي أكبر مؤشر على الشلل الذي أصاب مؤسسات دولتنا. وعندما نقرأ ما صرح به ولد قابلية لزميلتنا ''لوسوار دالجيري''، بخصوص استفحال ظاهرة العنف والاختطافات بمنطقة القبائل، أو نعود إلى تصريحاته بخصوص مبرر عدم منع تجار العملة الصعبة من احتلال الساحات العمومية، نفهم بأن الرأي الثاني أقرب إلى الواقع. وزراؤنا لا يتكلمون ليس خوفا من تجاوز صلاحيات الرئيس ولا برنامجه، بل لأن برنامج الرئيس وصلاحياته تتوقف عند بداية دواعي المصلحة الوطنية، بين مزدوجتين طبعا. لأن ما هو مصلحة وطنية يقتضي أن لا تخجل سلطاتنا من التصريح به وتكريسه في نصوصها القانونية. أما أن يضطر الرئيس للتنازل عن صلاحياته وصلاحيات من يعملون بأوامره وبأوامر الدستور وقوانين الجمهورية، لجعل حالات من الخروقات القانونية جائزة بقوة ''المصلحة الوطنية''، فهنا يصبح غياب الاتصال الحكومي جزءا من غياب الدولة. ولحسن حظنا أن ولد قابلية لا يلتزم الصمت. [email protected]