يرتكز اقتصاد التنمية والحماية على سياسة صارمة وفعالة لتحويل الرأسمال الطبيعي غير القابل للتجديد، المحروقات، إلى رأسمال بشري منتج لتدفقات عائدات مستقرة ودائمة، استثمارات في الموارد البشرية والصحة والتعليم والمعرفة والكفاءات. فالتطورات التكنولوجية، في مجالات المعلوماتية والاتصالات، تجعل الحدود قابلة للاختراق، ومن تجلياتها الانتقال إلى اقتصاد أكثر اندماجا، يتسم بالاعتماد المتبادل، وبمزايا اللحاق بالتطورات التكنولوجية ومخاطر العدوى، على غرار ما شهدته المكسيك سنتي 1994 و1995، وفي دول جنوب شرق آسيا سنتي 1997 و1998، وفي روسيا في 1998، والأرجنتين سنتي 2001 و2002، وأخيرا على مستوى النظام المالي العالمي اليوم. ويمكننا القول بأن الاقتصاد العالمي سيتميز، بشكل متزايد، بنفاذية قوية مادية وتكنولوجية للحدود الوطنية، وعولمة الإنتاج والتجارة والمالية، واختفاء شبه كلي لمفهوم ''صنع في''، وسوف لن يكون مناسبا الحديث عن منتجات أمريكية ويابانية وكورية، عندما يكون هناك توجه وموجة واسعة للاستعانة بمصادر خارجية (التعاقد من الباطن أو المناولة) للأنشطة الإنتاجية لمختلف مقدمي الخدمات، والانتقال من الإنتاج الشامل إلى الإنتاج المرن لتلبية الحاجيات في السوق المجزأة والمتقلبة للغاية وللابتكار التكنولوجي. يجب الاعتبار أن الأمر يتعلق بتغييرات محسوسة، حيث يتم التعبير بمفاهيم مختلفة، منها ''عصر الإعلام'' و''عهد الإبداع'' و''عصر غياب العقل'' و''المجتمع ما بعد الصناعة'' و''عصر ما بعد الحداثة'' و''العولمة''. ومع ذلك، تظل الرسالة هي نفسها: ''ما نجح في الماضي لن ينجح بالضرورة في المستقبل!''. أما اليوم، فإن قوة أمة تقاس في الغالب بقدرتها على الإبداع ونوعية نظامها التربوي ومنظومة تكوين مسيّريها. في المقابل، فإن عوامل القدرة التنافسية ستعني، بالأساس، ثلاثة عوامل: رأس المال البشري، على وجه الخصوص، حصة السكان الذين يتلقون تعليما عالي الجودة ونصيب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الدخل القومي (الناتج المحلي الإجمالي)، سواء في الإنتاج أو الاستهلاك... وهي مرتبطة أيضا بمستوى التعليم والاستثمار في البحث والتطوير، والبنية التحتية العامة. ولكن الجزائر لديها نظام تعليم وتكوين بحاجة إلى تحسين وتطوير، في وقت تستدعي فيه عولمة الإنتاج والتجارة والمالية نسب تمدرس عالية جدا وتعليما ذا نوعية، خاصة في الفروع التقنية. وبالإضافة إلى ذلك، تعيش الجزائر، حاليا، راحة مالية غير مسبوقة من قبل، بوسائل معتبرة وهامة كفيلة بتمويل برامج طموحة للتكوين والاستثمار، ويتعيّن على الجزائر أن تكمل الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية واستثمارات كبيرة في القطاع الإنتاجي من السلع والخدمات.