قال رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، إن السلطة الخفية هي التي تحكم، والنظام شبه الرئاسي الذي حكمت به الجزائر طيلة 50 سنة ''لم يحقق النتيجة''، داعيا إلى ضرورة العودة للشعب واستشارته حول النظام الذي يريده لنفسه. وبشأن الوضع الصحي للرئيس، اتهم تواتي مؤسسات الدولة ب ''التستّر''، وكأنه رئيس ملك لمجموعة، وليس ملكا للشعب الجزائري، مطالبا بضرورة إعلام الرأي العام ب ''التقرير الطبي'' وتفعيل المادة 88 من الدستور. ووصف تواتي الطريقة التي يجري بها تحضير التعديلات الدستورية من قبل السلطة، بأنها ''تحمل تراجعا إلى الوراء'' ولا ترمي قط إلى إرجاع السلطة للشعب. قال بأنه سيعيد البلاد إلى الوراء سيناريو الدستور المقبل أفظع مما تم في 2008 يتوقّع رئيس ''الجبهة الوطنية الجزائرية''، أن يتم الحفاظ على النظام الرئاسي في الدستور الآيل للتعديل، مع تحديد العهدة الرئاسية بواحدة تدوم سبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، مع توزيع الصلاحيات الموجودة في يد الرئيس حاليا، بين الرئيس ونائبه، وهو المنصب الذي سيستحدثه الدستور الجديد، حسب موسى تواتي. يعتقد تواتي أن الطريقة التي يحضّر بها التعديلات الدستورية، علاوة على مضمون التعديل: ''سيعيد البلاد إلى الوراء'' أكثر مما شهدته تعديلات 2008، باعتبار أن تمديد العهدة الرئاسية إلى سبع سنوات، يتيح للرئيس البقاء في منصب الرئاسة 14 سنة، كاملة، بحجم ثلاث عهدات في الدستور الحالي. وباعتبار ذلك، ''يمكن للرئيس بوتفليقة الاستمرار إلى غاية 2016، حتى وإن كان القانون لا يطبق بأثر رجعي''. ويرى المتحدث أن السلطة ترغب في تمرير التعديل الدستوري على البرلمان، لكنه يؤكد أن ''الأمور تعقّدت أمامها'' . ويقدم تواتي سيناريو التعديل في علاقته بوضع الرئيس الحالي، فيقول إن ''العهدة ستكون بسبع سنوات، يتمم فيها بوتفليقة السنتين الباقيتين. وفي حال كان هناك مانع صحي لإتمامها، يكمل نائبه السنتين ويحضّر لانتخابات رئاسية''. ويشدد تواتي على ضرورة استشارة الشعب في شكل النظام الذي يبتغيه، في الدستور، بين الرئاسي أو شبه الرئاسي أو البرلماني، ويقول ''علينا طرح السؤال ضمن ميثاق وطني''، يرفع احتكار صياغة الدستور من قبل شخص واحد، ويقول ''هناك 40 مليون جزائري، فكيف لشخص واحد يتحكّم في سلطة الجماعة بهذا الشكل؟''. وهل نستفتي الشعب مرتين؟ يرد تواتي ''نعم ولمَ لا، ذلك أفضل من اللجوء إلى تعديل الدستور كل خمس سنوات''. كما تساءل: هل كان ميثاق 1975 نابعا من اختيار الشعب؟ ويتابع ''الشعب هو الذي يحمي الدستور، وليس مجموعة أشخاص من يحميه''.. وفي سؤال صحفي: لكن الرئيس هو حامي الدستور طبقا للدستور. يرد تواتي بسؤال ''وهل الرئيس شرعي؟''. ويقلل رئيس ''الأفانا'' من شأن إسناد تعديل الدستور للجنة تقنية تتولى المهمة، ويقول ''تعوّدنا منذ الاستقلال على إسناد صياغة الدساتير إلى لجان، لكن هل هذه اللجان منتخبة وهل نعرفها وهل يمكن لطروحاتها أن تتجاوز طروحات 40 مليون جزائري؟.. هذا غير مقبول''. ويتابع ''عدّلنا العديد من الدساتير، ولا واحد من هاته الدساتير ردّ للشعب سلطته، لكنها كرّست كلها القبضة الحديدية للسلطة''. ويرى تواتي أنه ''لا يمكن أن يكون الدستور الجزائري أفضل من دساتير البلدان الأخرى، والخطأ يكمن في الأسلوب الذي يتم بمقتضاه صياغة الوثيقة، حيث تكون الصياغة في خدمة مجموعة من الأشخاص، وليس في مصلحة الشعب''. ويقول إن ''الرئيس بوتفليقة حطّم الرقم القياسي في عدد التعديلات، هذا غير مقبول ويعتبر تعدٍ على سلطة الشعب. وأشار إلى أن الدستور الفرنسي لم يعدل منذ .''58 تواتي ينتقد ''الارتجالية'' في التعامل مع مطالب الشارع ''الجزائر أصبحت غنيمة لمجموعة من الأشخاص'' اتهم موسى تواتي السلطات ب ''توزيع الوعود الكاذبة كلما واجهت الاضطرابات والاحتجاجات، وذلك منذ الاستقلال''. وأعاب على الحكومات المتعاقبة ''إتباع سياسة ارتجالية تتعامل مع الظروف، وليس مشروع دولة يستشرف مطالب المجتمع على مدة سنوات''. وذكر تواتي لدى استضافته في ركن ''فطور الصباح'' بيومية ''الخبر''، بشأن تعامل الحكومة مع مطالب اجتماعية تطرحها قطاعات واسعة من النشاط، ومع الاحتجاج في الجنوب، أن السلطة ''عوّدتنا على تقديم الإغراءات كلما تصل الأزمة إليها، فتلجأ إلى الحلول الترقيعية والوعود التي لا تتحقق. فقد تم مسح ديون الفلاحين ظاهريا، ولكن الحقيقة أن الفلاحين الوهميين هم الذين استفادوا من هذا الإجراء، وليس البسطاء الذين يخدمون الأرض فعلا. أما القروض البنكية التي وعد بها الشباب، فسيستفيد منها أصحاب المال، وليس من هم بحاجة إلى مشاريع''. ويقدم تواتي معاينة صارمة بخصوص تسيير الشأن العام في البلاد، ويرى أن الجمهورية تسير ب ''قدرة ربي''، إذ يقول: ''لا يوجد في البلاد حكومة أصلا، بالمعنى الذي يحمل وجود مؤسسة تملك برنامجا وتنفّذه قي الميدان. وعلى نقيض ذلك، نشهد سياسة ارتجالية آنية تتعامل مع المشاكل عندما تطرح بقوة''. وأضاف: ''الجزائر اليوم بمثابة غنيمة لمجموعة من الأشخاص، يتصرفون فيها كما يشاؤون دون أن يحاسبهم أحد''. ويفسّر رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موجة التذمر التي مست كل القطاعات في أغلب مناطق البلاد، ب ''تغييب الشفافية في إدارة الشأن العام، وانعدام رؤية اقتصادية، مما يجعل المؤسسات والأشخاص القائمين عليها، غير مؤهلين لإتمام مسيرة الجزائر وحفظها من الأزمة الاقتصادية التي تزحف على دول العالم''. وأضاف: ''لا يمكن أن نكون في مأمن من الأزمة الاقتصادية مادام اقتصادنا غير منتج، وإنما ريعي مرهون بمداخيل النفط. وسنبقى على هذه الحالة طالما أن السلطة لم تقدّر بأن الكنز الحقيقي هو الشباب''. وأشار تواتي إلى ما يسمى ''مشروع القرن''، وهو الطريق السيّار شرق غرب ''الذي أنفقت عليه الدولة مبلغا خياليا، لنصل في النهاية إلى طريق في وضع مزري من عنابة إلى تلمسان. أما مصفاة تحلية مياه البحر التي يعتبرونها إنجازا عظيما، هي اليوم تقتل الحوت!''. وتناول تواتي في ردوده على أسئلة صحافيي ''الخبر''، الوضع المتوتر على الحدود مع تونس وليبيا ومالي، فقال: ''منطقة الساحل هي من أغنى بقاع العالم اليوم من حيث الموارد الطبيعية، وبذلك فشمال إفريقيا هو المنفذ الرئيسي للدول الغربية للخروج من أزمتها، ويكون ذلك بواسطة شركاتها متعددة الجنسيات التي تسعى لتكون مالكة للأراضي، وليس مجرد مستأجرة، كما كانت في السابق''. وأوضح أن فرنسا ''تحاول استرجاع هذه الرقعة الجغرافية واستغلال ثرواتها. وبهذا المفهوم، يصبح استقلالنا مهددا، فيما يحتدم الاقتتال بين أبناء البلد الواحد في جوارنا، تاركين الأغراب يسترزقون من خيرات المنطقة''. رجح عدم ترشحه للرئاسيات المقبلة ''بلعيز يتستّر على بوتفليقة كرئيس مجموعة وليس دولة'' انتقد موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، ما سماه ''محاولة التستّر على رئيس الجمهورية من قبل المجلس الدستوري، كأنه رئيس مجموعة وليس دولة''، وقال إن تصرّف السلطة مع مرض بوتفليقة ''فيه استصغار للجزائريين''. وفي النهاية، يقول تواتي إن ''كل المؤشرات تعني أن بوتفليقة لن يكون رئيسا بعد 2014، هذا إذا كان في قدرته إتمام عهدته الحالية''. ويتأسف موسى تواتي على ''كتمان الحقائق على الشعب فيما يخص صحة بوتفليقة''، لكن ''العار''، كما يصفه ''أكبر من ذلك، بل يتعلق بأن الفرنسيين يعلمون عن بوتفليقة ما لا يعلمه الجزائريون''. ولاحظ تواتي خلال نزوله ضيفا على ركن ''فطور الصباح'' بجريدة ''الخبر''، أنه ''منذ عودة بوتفليقة من فال دوغراس في 2005، والسلطة تتكتم على طبيعة وضعه الصحي، وحان الوقت للهيئات الدستورية المخولة أن تقدم للجزائريين كل التقارير الصحية''، لكن موسى تواتي ينتقد بالخصوص تخلي المجلس الدستوري عن تأدية مهامه ''ما جعلنا نعيش حالة فراغ، كأن المجلس يتستّر على بوتفليقة وكأنه رئيس مجموعة، وليس رئيس دولة''. وتابع موسى تواتي يقول ''لقد شاهد العالم كيف تعاملت فنزويلا مع مرض الرئيس الراحل، هيغو تشافيز... كل دول العالم تتعاطى بشفافية. أما في الجزائر، فالأمر كله استخفاف بالشعب''. ويتّهم رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، الحكومة الفرنسية ب ''التواطؤ'' مع نظيرتها الجزائرية في إخفاء معطيات حول صحة بوتفليقة: ''عار أن تكون المعلومة الآن عند الفرنسيين''. ولكن من هي الجهة التي تستفيد من التستّر حول صحة الرئيس؟ تسأل ''الخبر'' موسى تواتي، فيقدم قراءة غير متداولة، قال فيها: ''الأرجح أن تتم التغطية على فضائح الفساد التي وقعت في قطاعات مثل سوناطراك. عندما يظل الرئيس مختفيا، فالملفات ستختفي معه''، ويضيف متسائلا ''إننا حاليا نعيش ظروف المادة 88 من الدستور، لكن لا أحد تجرأ من الهيئات الرسمية ونادى بها (المادة تحدد أساليب الخلافة في وجود عارض صحي لرئيس الجمهورية)''، لكنه استدرك يقول ''أعتقد أن الأمر يحتاج لترتيب جيد من أجل جمع رضا القوى الأجنبية حول هوية الخليفة''. ولا يساور موسى تواتي أدنى شك في أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لن يكون رئيسا للبلاد بعد 2014، ولا يعتقد تماما أنه سيكون متنافسا، وحتى سيناريو التمديد ''بات من الماضي، لأنهم كانوا يحاولون تعديل المادة الخاصة بعدد العهدات، فتقيّد باثنتين، لكن من سبع سنوات، وبالتالي تمديد حكم بوتفليقة إلى 2016 ويكون إلى جانبه نائب رئيس في حال لم يتمكّن من إكمال العامين''. ولا يفصل موسى تواتي في أمر ترشّحه من عدمه للرئاسيات المقبلة، تاركا القرار لهيئات الحزب: ''لكن الأكيد أن الجبهة إما سترشح أحدا منها، أو رئيسها''، ويطالب رئيس الأفانا بتغيير النظام الدستوري وإلغاء ما يعرف ب ''السلطة الخفية'' حتى تكون بعض الظروف جاهزة ل .2014 قال ضيف ''الخبر'' الأفانا ولّادة كشف تواتي أنه من بين الأحزاب الجديدة التي حصلت، مؤخرا، على الاعتماد من طرف وزارة الداخلية، هناك 8 أحزاب كان مؤسسوها مناضلين ومنخرطين سابقين في الجبهة الوطنية الجزائرية، وهو ما عبّر عنه موسى تواتي بأن ''الأفانا ولّادة''. أحزاب تبيع وتشري أوضح موسى تواتي، بأن عزوف حزبه عن الانضمام إلى المبادرات الحزبية والتكتلات التي تشكّل من حين لآخر، مرده لكون العديد من هذه الأحزاب تتخذ من هذه المبادرات وسيلة ل ''البيع والشراء''. وبمجرد الاستفادة من أول فرصة، تغادر المجموعة دون استحياء، الأمر الذي جعلنا في الأفانا لا نثق ولا نولي أهمية لمثل هذه التكتلات ويفضّل الحزب العمل والنضال منفردا. الخلية مغلقة.. والفائز موظف أو قداش قال تواتي إن النظام الحالي لم يعد يسمح لابن ''الزوالي'' أن يصبح وزيرا أو رئيسا، بعدما تم خلق ''الخلية المغلقة''، ولم يعد بالإمكان الولوج إليها. وحتى من يدخل إلى هذه الخلية والفوز بمنصب، فهو مجرد ''قداش''، أو موظف لديهم. لقد سطى أصحاب المال وأضحى الاقتصاد تابعا لمجموعات، هي التي تختار وتنصّب الرئيس. نرفض تزويد طائرات فرنسا ب ''الكيروزان'' أعرب رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، عن عدم موافقة حزبه على مرور الطائرات الحربية الفرنسية عبر المجال الجوي الجزائري، كما رفض تواتي تموين تلك الطائرات ب ''الكيروزان'' الجزائري. ووصف منطقة الساحل بأنها من أغنى بقاع العالم، لما تزخر به من ثروات، محذّرا من مخطط لم ينته، مثلما يتصوّر البعض، برفع العلم الجزائري. الاستقلال الحقيقي لم نصل إليه بعد، ومازلنا بعد 50 سنة في الدائرة المغلقة التي تتمثّل في تعديل الدساتير. الجزائريون لا ينتخبون يرى تواتي أن الجزائريين لا ينتخبون منذ الاستقلال، بسبب عدم ثقتهم في الانتخابات بفعل التزوير، مشيرا إلى أن الانتخابات الرئاسية في 95 تحصّل فيها المرحوم نحناح على أكثر الأصوات. لكن، هل لدى تواتي معطيات موثقة عن ذلك؟ رد رئيس الأفانا بأن نحناح فاز بالمرتبة الأولى في العديد من الولايات.