ليس سرا أن كل قيادات جبهة التحرير، ومن دون استثناء، من عبد العزيز بلخادم والموالين له، إلى جميع معارضيه، مرورا بالذين لا موقف لهم منه، لا له ولا عليه.. كلهم ينتظرون الإيعاز بالتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك، لاختيار عمار سعداني أو السيناتور محمد بوخالفة أو العودة إلى بلخادم ثانية وتكليفه بخلافة نفسه. في منصب الأمين العام للحزب لقد بيَّن حجم وطبيعة الشلل الذي تعيشه الجبهة طيلة المدة التي أعقبت سقوط بلخادم من على رأس الأمانة العامة، أن مصير الحزب مرهون ومرتبط بالإيعاز المنتظر من الجهات العليا، وهذا يعني أنه في حالة ما إذا أرادت ''هذه الجهات العليا'' أن تُبقي الجبهة مشلولة إلى أبد الآبدين فإنها ستبقيها كذلك، أو بمعنى آخر، إذا أرادت هذه ''الجهات العليا'' أن تنهي جبهة التحرير من الحياة السياسية، فما عليها إلا المحافظة على صمتها، ليبقى بلخادم وبلعياط وقوجيل وقارة وسعداني والعربي ولد خليفة والقيادات الأخرى في الانتظار إلى يوم الدين. أخطر من هذا... تجد قيادة الحزب العتيد منذ سنوات طويلة، أو لنقل منذ دخول الجزائر عالم التعددية، صعوبة في اختيار أمين قسمة من قسمات الجبهة المنتشرة عبر 1451 بلدية، أما اختيار المحافظين فلم يحدث أن اختار بلخادم محافظا لمحافظة من المحافظات إلا واختارت مجموعة أخرى ''من المناضلين'' محافظا موازيا له.. بطبيعة الحال لم يكن باستطاعة بلخادم ولا أي من أعضاء المكتب السياسي للحزب وقيادييه، التوجه لمحافظة من المحافظات والإشراف على عملية اختيار محافظ بأي من محافظات الولايات الثماني والأربعين، وهذا خوفا وتهربا من البهدلة التي كان سيتعرض لها ويتعرضون لها بكل تأكيد لو حدث وغامر أو غامروا بالخروج من المقر المركزي بحيدرة وتوجه أو توجهوا إلى محافظة بلعباس أو بشار أو ورفلة أو سطيف أو أي منطقة أخرى... مع هذا لا يجد لا هذا ''البلخادم'' ولا أي من قيادات الحزب الأخرى، حرجا في القول والتباهي بأن جبهة التحرير هي الحزب الذي يحكم الجزائر، فهل يعقل أن يعجز حزب عن إدارة قسمة مدغوسة في تيارت، أو قسمة هنين في تلمسان، أو قسمة سيدي فرج في سوق أهراس، أو قسمة عين الخضرة في المسيلة أو قسمة برج خريس بالبويرة، وبالمقابل تقول قيادته إنها هي التي تحكم البلد، بل ويحتل نوابها أغلبية أعضاء البرلمان بغرفتيه، بل ولهم دور في اختيار مرشح السلطة للرئاسيات. أخطر من كل هذا وذاك... الرئيس الشرفي للحزب هو رئيس الجمهورية... ولا نعتقد أن الأمر يحتاج إلى تعليق، في حالة لو لم يكن فيها رئيس الجمهورية رئيسا لهذا الحزب الذي يحلو للكثيرين وصفه ب''العتيد''، فهل بقي لعاقل أن يتساءل عن أسباب الإفلاس الذي تعيشه الجزائر، والخراب الذي ينتظرها في ظل حكم حزب جبهة التحرير الوطني؟