ذكر الأستاذ مصطفى الشريف، أن فكرة تعايش الديانات التي تركها الأمير عبد القادر، تطرح اليوم بحدة، في عالم يتحكم فيه الجهل والعنف وانعدام المساواة. واعتبر أن الأمير يعتبر بمثابة ''شخصية كونية، تجمع بين العقل والروح، ارتكز على تعاليم النبي محمد (ص)، وأدرك أن الوجود مرتبط بمسألة التعددية، كما أعطى أفعاله بعدا إنسانيا في علاقته مع الآخر''. قدّم مصطفى الشريف، في محاضرة ألقاها أول أمس، بالمعهد الفرنسي بالجزائر، الخطوط العريضة للملتقى الدولي الذي تنظمه مؤسسة الأمير عبد القادر، يوم 28 ماي الجاري، بالجزائر العاصمة، حول موضوع ''الأمير والقانون الدولي الإنساني''، وتوقف عند مواقف الأمير عبد القادر، وقال إنه ''وضع الروح في قلب مهمته، بغية تجاوز الخلافات واحترام الاختلاف وبناء الحضارة والمدينة العادلة''. واعتبر الشرف أن الأمير يعتبر اليوم بمثابة نموذج ''احترام الاختلافات الثقافية والدينية بحثا عن التجانس بواسطة الحوار''. واستند المحاضر في هذا السياق إلى إحدى مقولات الأمير الشهير عندما قال: ''إذا جاءني من يريد معرفة درب الحقيقة، سوف أقوده من غير مشقة نحو الحقيقة، سأفعل ذلك ليس بغرض دفعه لاعتناق أفكاري، لكن قصد إظهار الحقيقة أمام عينيه''. وفسّر الشريف هذا الموقف بكونه يعتمد على مبادئ معينة تقوم على ''الاستماع للآخر وعلى بيداغوجية الإقناع قصد تحويل العلاقة''. ويعتقد مصطفى الشريف أن الأمير عبد القادر يعد نموذج ''الأستاذ الروحي، الساعي لتحقيق التقارب بين الشعوب''. مرجعا تأثيراته الفكرية إلى محي الدين ابن عربي والطرق الصوفية، كما برز ذلك في كتابه الشهير ''المواقف''، الذي يعتبر بمثابة مرجع مهمّ برزت من خلاله أهم أفكاره القائمة على حرية المعتقد، الكرامة الإنسانية. وقال الشريف: ''اعتبر الأمير كل هذه المواقف بمثابة واجب أساسي''. وأضاف: ''يعتقد الأمير أن الحرب لن تكون إلا بغرض الدفاع عن النفس، وأن النضال الأكبر، هو ذلك الذي يخوضه الإنسان ضد ضعفه، وسعيه لكي يكون عادلا تجاه الآخر استنادا إلى مواقف الرسول (ص) والنص القرآني''. وختم الشريف محاضرته بأن الغرب ليس بإمكانه إيجاد حل للمشاكل التي تمر بها الإنسانية اليوم لوحده، ولا يوجد بديل حكيم للحوار والتعارف المتبادل والأخوة بين الشعوب. وقال''هذه هي الدروس التي تركها الأمير عبد القادر، والعالم اليوم بحاجة ماسة لمثل هذه الأفكار''.