* في محاضرة ألقاها، أمس الاحد، في المكتبة الوطنية، تطرق الدكتور مصطفى الشريف إلى مفهوم الوسطية في الفكر الإسلامي، معتبرا أن »الذهنية الإسلامية اليوم تناقض ما أنزله الله في كتابه الكريم والذي تركه مفتوحا لكل المفاهيم الدنيوية والأخروية حيث أصبح الفرد لا يراعي حدوده ولا يترك للآخر حريته وأصبحت فئة تفرض نفسها على أخرى باسم الدين والإسلام. وكل من هبّ ودبّ استغل هذا التفتح ليصل إلى أغراضه السياسية من أصحاب هذه الطبقة«، مضيفا أن الإسلام »أصبح مباحا الآن للخوض والإساءة إليه من قليلي العقل والمعرفة، وأصبح لعبة في أيدي أصحاب العقول المريضة، الذين يتحصنون بشعارات حرية الإبداع الفكري للوصول إلى الحكم، ويتجاوزون كل الخطوط الحمر للإساءة من أجل أغراضهم الشخصية في غياب التواصل والحوار بين الأمة الواحدة«. وأضاف المحاضر »إننا أصبحنا نعيش بين أكثر من نارين، عدوان في الخارج وانغلاق في الداخل، على رغم أننا نملك مقومات الأمة الوسط لكننا لم نستطع النهوض والتطور، حيث أصبحت كل المشاكل مطروحة في نفس الوقت اجتماعية، اقتصادية، سياسية و ثقافية". وأكد مصطفى شريف أننا أمام مشكلة فكرية لا ترتبط بفهم الإسلام وإنما بسوء تطبيقه، مقدما نموذج التطرف والإرهاب الذي أعطى صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين. ورأى مصطفى الشريف أن أفضل نموذج تنطبق عليه هذه الصورة الحضارية الإنسانية الراقية في الجزائر هو الأمير عبد القادر لما قام به في سورية عندما دافع عن المسيحيين وعن حرية الاعتقاد دون أن يفرض رؤيته على أحد. وتابع مصطفى شريف قائلا: إن الأمة العربية أصبحت بعيدة كل البعد عن قيمها فضعفت وأصابها الكسل وكثرت بين أفرادها موانع الخير ومرغبات الشر، ولم يعودوا كما جاء في القرآن الكريم »كنتم خير أمة أخرجت للناس«. وخلص المحاضر إلى أنه ينبغي أن نجعل الآخرة أنموذجا نقتدي به وننطلق منه، على أساس ألا نلتزم بحرفية كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بل بروحه، لأن الغايات ثابتة والوسائل متطورة. فالإسلام مبني على العقل والفكر والوسطية.