يدخل المترشحون لاجتياز امتحان شهادة البكالوريا في الجزائر، الأحد المقبل، قاعات الامتحان بعد أن استنفذوا طاقتهم في سهر الليالي للمذاكرة. فيما فضّل بعضهم أساليب غريبة للتحضير لموعد، يقال أن المرء يكرم فيه أو يُهان، وشعارهم في ذلك... كل الطرق تؤدي إلى الجامعة. مثل الغريق الذي يتعلق بقشة، يتشبت المقبلون على الامتحان بأي شيء أو أي أحد يعتقدون أن بين يديه مفاتيح النجاح، حتى وإن كانت مجرد خرافات ومعتقدات بالية أو دجالين ورقاة مزيفين. فمن بين الممارسات الغريبة التي يلجأ إليها بعض التلاميذ لقهر خوفهم، بتوجيه من الأمهات والجدات، إخفاء الحبل السري للمولود الجديد بين ملابسهم يوم الامتحان، اعتقادا أنه يجلب الحظ، لذلك تحتفظ العديد من العائلات بالحبل السري لأبنائها في مكان آمن إلى غاية وصول اليوم الموعود. ويداوم البعض على شرب نبتة الحلبة لأنها تبعد النحس والخوف، حسبهم. فيما لا تنسى الأمهات "تسبيع"الأبناء بالملح ، حيث تقوم بتمرير الملح سبع مرات فوق رأسه لإبعاد عين الحساد. شرب مياه البحر لمقاومة السحر ولإبعاد عيون الحساد والسحر أيضا يلجأ البعض لمياه البحر، فيُرش كل البيت بهذه المياه لتكون سلاحا مضادا لأي عمل سحر يستهدف الأبناء في هذه الفترة، خاصة النجباء منهم. ولا يجد البعض مانعا في شرب مياه البحر حتى وإن كانت ملحا أجاجا، في سبيل زيادة فرص النجاح واقتطاع تذكرة الجامعة، فيتوجه التلاميذ إلى الشاطئ ويشربون جرعات قليلة من سبع موجات متتالية، لكن إن كان البحر هادئا فقد خانهم الحظ. ويكثر مع كل نهاية سنة دراسية الطلب على الرقية الشرعية في الفترة التي تسبق امتحان شهادة البكالوريا. بالمقابل ينتعش نشاط المزيّفين منهم لاصطياد زبائن "موسميين" يحلمون بتجاوز عتبة الثانوية، ولو كلّفهم ذلك آلاف الدينارات. ومن بين أغرب أساليب الرقية الشرعية رقية القلم الذي يمتحن به التلميذ لجلب الحظ!. ماء زمزم والرقية لإبعاد عين الحسود ومن بين التلاميذ الذين اختاروا الرقية الشرعية، محمد من شعبة علوم الطبيعة والحياة، والذي يدرس في ثانوية الأمير عبد القادر، بحي باب الوادي الشعبي وسط الجزائر العاصمة، أكد أنه اعتمد على الرقية بعد أن فشل في نيل الشهادة السنة الماضية "لأن عين الحسود لاحقته". يقول محمد ل"الخبر": "كنت من بين المرشّحين لنيل شهادة البكالوريا بتقدير جيد السنة الماضية، وكنت متأكدا من النجاح، غير أني رسبت بسبب عين الحسود. وحتى أتفادى تكرار التجربة تسلحت هذه السنة بالأذكار وتلاوة القرآن والمداومة على الرقية الشرعية". ويجد العديد من الرقاة المزيفين فرصتهم في امتحان شهادة البكالوريا لتحقيق الأرباح، خاصة من التلاميذ الذين كانت الدراسة آخر اهتماماتهم طيلة السنة الدراسية، فيعرضون عليهم رقية تحت الطلب، كما يوفّرون لهم ماء مرقيا، ليس بالمجان بالتأكيد. ولم يجد البعض مانعا في طرق أبواب العرافات والمشعوذين، بمباركة الأولياء، فيحظون بساعات استقبال خاصة تتلى فيها عليهم بعض التمائم وتقدم لهم خلطات سحرية يزعمون أنها ستجلب النجاح. وفي السياق ذكرت ل"الخبر" الطالبة الجامعية في تخصص الطب كريمة،بأنها كانت قبل سنوات إحدى ضحايا السحر الذي ينتعش في فترة اجتياز الامتحان، ومن أقرب صديقاتها. تقول كريمة: "كنت تلميذة ممتازة ودرست بجد، لكن بمجرد دخولي إلى قاعة الامتحان نسيت كل ما درست وكأن غشاوة كانت على عيني، ولم استطع الإجابة، ففشلت في نيل شهادة البكالوريا، وانعزلت لفترة طويلة في غرفتي، قبل أن أكتشف بعد أن خضعت للرقية الشرعية أنني تعرضت للسحر من أقرب رفيقاتي، بعد أن أخذت قطعة من ملابسي". وبعيدا عن الدجل يحجز العديد من الممتحنين نصيبهم من ماء زمزم الذي يحضره العائدون من البقاع المقدسة، فيُحتفظ به لشربه يوم الامتحان.