أفاد الأستاذ مسعود بوجنون، أنّ تراجم المسلمين لمعاني القرآن الكريم، تتفاوت من كاتب إلى آخر ومن دار نشر إلى أخرى، وأوضح في حوار ل«الخبر" أنّ الجزائريين يعتبرون من أحسن المترجمين من وإلى اللغة الفرنسية. مشيرًا إلى أنّ المستشرقين استطاعوا تطويع ترجمة معاني القرآن الكريم للنّيل من الإسلام والمسلمين نظرًا للنّقص الّذي كان يوجد في ميدان الترجمة عند المسلمين. كيف بدأ اهتمامك بترجمة التراث الإسلامي من كتب الفكر والحديث والتصوف وغيرها؟ بدأ اهتمامي بترجمة كتب التراث الإسلامي في سنة 1992 بعدما اتّصلت بي دار نشر في ليون بفرنسا مختصة في نشر الكتب الإسلامية، وهي الدار التي تطبع كتب المفكر الإسلامي طارق رمضان وطلبت منّي أن أكتب لهم بعض الكتب الموجّهة إلى الأقلية المسلمة في فرنسا. وقد اتصلوا بي بعد اطلاعهم على بعض الكتب التي كتبتها ونشرتها في الجزائر، منها “الإسلام والعالم المعاصر”، “الإسلام والغرب” و«حياة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم”. فكتبت لهم ثلاثة كتب “الزّواج في الإسلام”، “الجنّ والشّياطين في القرآن والسُّنة” ثم “حياة الصّحابة”، حيث عرفت هذه الكتب إقبالاً كبيرًا، ممّا أدّى بمسؤولي الدار أن اقترحوا عليّ بترجمة بعض الكتب للغة الفرنسية، فبدأت بكتاب الدكتورة فاطمة نصيف “حقوق وواجبات المرأة في الإسلام” وهو أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه. وقمتُ بترجمته مع المرحوم الأستاذ عبد القادر بورزاق مدير سابق بوزارة الثقافة، وصدر الكتاب بأسمائنا، وهو الآن في الطبعة الثالثة، بعدها توالت العروض من عدّة دور نشر من فرنسا، لبنان، تركيا، وأنا الآن بصدد بلوغ سبعين كتابًا مترجمًا، عدا خمسة عشر كتابًا من تأليفي. ماذا بشأن ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية؟ بعد ترجمتي لعدّة كتب تعتبر من أمّهات الكتب ك«صحيح البخاري”، “رياض الصّالحين”، “العواصم من القواصم لابن العربي”، “تفسير ابن كثير”، “السِّيرة النّبويّة” لابن كثير، “الأحاديث القدسية” للإمام ابن حجر العسقلاني، “قصص الأنبياء” لابن كثير، “حياة الصّحابة” لابن كثير، “صيد الخاطر” لابن الجوزي، كتب الشيخ عبد القادر الجيلاني في التّصوف، أرى أنّه لم يبقى لي للتّتويج في هذا المسار إلاّ ترجمة معاني القرآن الكريم، وسأقوم إن شاء الله بهذا العمل عندما أجد ناشر مستعد لطبعه ونشره هنا في الجزائر أو في الخارج. كيف تقيّم الترجمات الحالية للغة الفرنسية سواء كانت من قبل المستشرقين أو المسلمين؟ هناك نوعان من المستشرقين، نوع له نوايا خبيثة ومدسوسة، يريد زرع الشُّكوك في عقول المسلمين فيما يخصّ عقيدتهم وتشويه حياة نبيّهم صلّى الله عليه وسلّم، وهذا النّوع يخصّ الكثير من المستشرقين أمثال هنري لامانس، نولديك، بروكلمان، أرنست رينان، ويليام موير، مكسيم رودنسن، أسين بلاسيوس، إلخ.. وهؤلاء نصّبوا العَداء للإسلام، إمّا لأنّهم مسيحيين متشدّدين أو لأنّهم ملحدين لا يؤمنون بأيّة عقيدة. وهناك نوع آخر من المستشرقين لهم نوايا حسنة لكنّهم يجهلون الكثير عن الإسلام وعن حياة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. من أمثال المستشرق الأمريكي إيرفينغ واشنطن صاحب كتاب “حياة محمّد”، والمستشرق الفرنسي إميل درمينغام صاحب “حياة محمّد” الّذي أُعيدت طبعته في الجزائر السنة الماضية لدى دار النشر “عالم المعرفة”، وقد كتبت مقدمة لهذا الكتاب ونبّهت عن الأخطاء الموجودة فيه والّتي تدلّ على جهل المؤلّف رغم صِدقه وعدله. أمّا فيما يخص ترجمة المسلمين فهناك تراجم وتراجم، هناك كتب مترجمة تأتينا من لبنان مليئة بالأخطاء لأنّها كتب تجارية أوّلاً وقبل كلّ شيء، ثمّ إنّ اللبنانيين لا يحسنون الفرنسية مثلما يحسنها المغاربة. وقد قال لي يومًا أحد الناشرين في فرنسا إنّ أحسن المترجمين هم الجزائريون بالدرجة الأولى ثمّ التونسيون ثمّ المغاربة واللبنانيون. وكيف استطاع المستشرقون في رأيك تطويع ترجمة معاني القرآن الكريم للنيل من الإسلام والمسلمين؟ استطاع المستشرقون تطويع ترجمة معاني القرآن الكريم للنّيل من الإسلام والمسلمين نظرًا للنّقص الّذي كان يوجد في ميدان الترجمة عند المسلمين. وكانت الترجمة حِكرًا على المستشرقين منذ عشرات السنين حتّى هذه السنوات الأخيرة حيث بدأت تظهر تراجم جديدة بأقلام مترجمين مسلمين يُحسنون اللّغات الأجنبية ويتقنون المفاهيم الإسلامية ويعرفون جيّدًا التاريخ والسِّيرة والعقيدة الإسلامية. أذكر على سبيل المثال المفكّر الباكستاني محمّد حميد الله، المفكّر الهندي يوسف عليّ، المفكّر الإنجليزي المسلم مارمادوك بيكتال، الأستاذ حمزة بوبكر الجزائري، محمّد شياد مي المغربي، الصّادق مازيغ التونسي وغيرهم. ما جديدكم في عالم التأليف والترجمة؟ أعكف الآن على ترجمة حياة المُصلح والمفكر التركي الكبير بديع الزمان سعيد النورسي من تأليف إحسان الصّالحي. وقد قُمت بترجمة بعض رسائل النُّور للأستاذ النورسي، هذا المفكّر الكبير الّذي به قامت نهضة تركيا الحديثة والّذي يَجهل عنه الكثير من الجزائريين. ولي أعمال أخرى كثيرة أسأل الله تعالى أن يوفّقني فيها.