تعدّ ليلة النِّصف من شعبان ليلة العتق من النّار إلاّ لمَن أصَرَّ على معصية العزيز الجبّار، فهي ليلة الشَّفاعة وليلة المغفرة، ورضوان الله أكبر.. روى بن إسحاق عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى منزل عائشة رضي الله عنها في حاجة، فقلت لها أسرعي فإنّي تركتُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحدّثهم عن ليلة النّصف من شعبان، فقالت: يا أُنيس أجلس حتّى أحدّثك بحديث ليلة النّصف من شعبان، تلك اللّيلة كانت ليلتي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجاء ودخل معي في لحافي فانتبهتُ من اللّيل فلَم أجده، فقلت: لعلّه ذهب إلى جاريته القبطية، فخرجتُ فمررتُ في المسجد فوقعتُ رجلي عليه، وهو يقول: “سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي وهذه يدي وما جنيت بها على نفسي، يا عظيمًا يُرجَى لكلّ عظيم، اغفر الذّنب العظيم، سجد وجهي للّذي خلقه وصوّره، وشقّ سمعه وبصره”، ثمّ رفع رأسه فقال: “اللّهمّ ارزقني قلبًا تقيًا نقيًا من الشِّرك بريًّا، لا كافرًا ولا شقيًا”، ثمّ عاد ساجدًا فسمعتُه يقول: “أعوذ برِضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك، أقول كما قال أخي داود: أعفر وجهي في التراب لسيدي وحقّ لوجه سيّدي أن يعفر”، ثمّ رفع رأسه فقلت: بأبي أنت وأمّي، أنت في واد وأنا في واد؟ فقال: “يا حُميراء أمَا تعلمين أنّ هذه اللّيلة ليلة النِّصف من شعبان؟ إنّ لله عزّ وجلّ في هذه اللّيلة عتقاء من النّار بعدد شعر غنم بني كلب إلاّ ستة نفر: لا مدمن خمر، ولا عاق لوالديه، ولا مُصِر على زنا، ولا مساوم، ولا مضرب ولا قتات (نمام) وفي رواية مصور بدل مضرب”.