احتج، أمس، أزيد من 800 طبيب أخصائي متخرج شهر أفريل الماضي على التوزيع "العشوائي" و"غير العادل" لمناصب العمل المحددة في إطار الخدمة المدنية، ورفض الأطباء أن يتم استغلالهم من أجل "سد الفراغ" المترتب عن رفض عدد هام من الأطباء الأخصائيين ضمن دفعة جانفي2013 الالتحاق بعملهم في مختلف الولايات بسبب انعدام أدنى الشروط المطلوبة، وهي السكن الوظيفي ووسائل العمل. تدخلت قوات الشرطة لإخراج رئيس جمعية الأطباء المقيمين، غوار الطاهر، ومعه مجموعة من الأخصائيين حديثي التخرج من القاعة المخصصة لإجراء عملية التوزيع على مستوى المعهد الوطني للصحة العمومية تحت إشراف لجنة الخدمة المدنية. وكانت الجمعية قد دعت، أول أمس، إلى مقاطعة توزيع المناصب بناءا على عدة أسباب، من بينها الفترة الزمنية الضيقة التي منحتها الوزارة للأطباء بغرض تحضير ملفاتهم، حيث ذكر رئيس الجمعية أن هذه ”العجلة” ستنعكس سلبا على المعنيين، بحيث أنها ستعمل على التسريع في إرسالهم دون الأخذ بعين الاعتبار الطعون المودعة على مستوى اللجنة. في هذا الشأن، ذكر المتحدث أن غضب الأطباء الأخصائيين مبرر، ويعود أساسا إلى عدم اهتمام الوزارة بالانشغالات المعبّر عنها، الأمر الذي دفع بالكثير منهم منذ الآن إلى طلب التأشيرة لمغادرة لآرض الوطن نحو أوربا أو أي دولة تقدّر قيمة شهاداتهم ”وهذه خسارة كبيرة للبلاد”، يضيف نفس المصدر، الذي أشار إلى أن الوزارة الوصية تتحمّل وحدها مسؤولية هذا الوضع، لأن الحلول موجودة، كما قال، لاسيما فيما يتعلق بمشكل السكن الوظيفي ”إما أن توفر الوزارة السكن الوظيفي للطبيب مثلما تفعل مع باقي إطارات الدولة، أو أن السلطات المحلية تتكفل بصرف منحة كراء للطبيب فور التحاقه بالعمل نظرا لكون هذه المهمة في صميم اختصاصات هذه الأخيرة” ويتابع ”من غير المعقول أن يتحمّل الطبيب المختص أعباء إيجار شقة قد تمثل نصف ما يتقاضاه شهريا”. وبحسب الدكتور غوار، فهناك ما هو أسوأ من هذا، إذ تم تسجيل حالات طلاق نتيجة عدم مراعاة الوزارة لعامل ”التجمع العائلي” أثناء توزيع المناصب. وعندما يكون كلا الزوجين طبيبا أخصائيا، فإن المتاعب ستلاحقهما أيضا بسبب غياب عامل ”الأنسنة” في التوجيه، وغالبا ما يرسل أحدهما إلى ولاية بعيدة جدا عن مكان تواجد زوجه. أما بالسبة لظروف العمل، فحدث ولا حرج، يقول محدّثنا، إذ أن الطبيب الأخصائي غالبا ما يتفاجأ عندما يتنقل إلى المناطق الداخلية أو ولايات الجنوب بالنقص الحاد في أدوات العمل، وقد يصل العجز إلى حد غياب غرف العمليات. وعبّر غوار عن أمله في أن تلتزم مديرة الموارد البشرية في وزارة الصحة بالوعود التي أطلقتها، أمس، أمام الأطباء الأخصائيين بالتكفل بالانشغالات المطروحة، وعلى رأسها السكن الوظيفي، حتى لا تتحول حياة الطبيب هناك إلى جحيم نفسي.