البحث عن الحقيقة" تعتبره الجزائر تشكيكا في "الرواية الحقيقية" انتقدت عائلات رهبان دير تيبحيرين "عدم جدية السلطات الجزائرية في مساعي تسليط الضوء حول ظروف مقتلهم". وتحدثت، في رسالة رفعتها إلى الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، عن "غموض يلف القضية". يعود سبب تذمر ذوي رجال الدين السبعة، الذين قتلوا قبل 17 سنة، إلى “تباطؤ” الجزائريين في التعاون مع القاضي الذي يحقق في الحادثة. وذكر المحتجون، في الرسالة التي نشرتها صحيفة “لوفيڤارو”، أمس، أن “تقدم مساعي البحث عن الحقيقة (حول مقتل الرهبان)، يتطلب القيام بأعمال بالجزائر”، ذكروا من بينها الاستماع لشهود وإجراء خبرة علمية على رؤوس رجال الدين. وورد في الوثيقة، التي تسلمها هولاند مساء أول أمس، أن “كل عائلات الرهبان أعطوا للقاضي (مارك ترفديتش) الموافقة على إجراء الخبرة”. وأوضحت أنه “كلما مرّ الوقت، كلما تلاشت حظوظ الحصول على نتائج”، بخصوص ما يصفونه ب«الحقيقة”، وهو مفهوم للقضية يثير حساسية السلطات الجزائرية، لأنه ينطوي على التشكيك في الرواية الرسمية من جانب الجزائر، وهي أن الرهبان السبعة اختطفتهم الجماعة الإسلامية وقتلتهم وفصلت رؤوسهم عن أجسادهم. وأبدى أصحاب الرسالة خوفا من “تلف الأدلة” بمرور وقت طويل على الجريمة، وعبروا عن استيائهم من “المقاومة التي تظهرها السلطات الجزائرية ضد تعاون حقيقي وإيجابي مع القضاء الفرنسي”. ومما جاء في الرسالة: “إن حالة الغموض المتعمدة من طرف الجزائر، تزيد في إضفاء الشكوك والشعور بالإفلات من العقوبة الذي تشكل لدى ضحايا العنف الذي عاشه هذا البلد”. وطالبوا هولاند ب “التدخل من جديد لإزالة العقبات التي تحول دون مواصلة التحريات”. وسبق لمحامي عائلات الرهبان، باتريك بودوان، رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أن تحدث عن شكوك حول حادثة مقتل رجال الدين الفرنسيين. ومن هذه الشكوك، حسبه، أن السلطات رفضت في ذلك الوقت فتح النعوش التي وضعت فيها أجسادهم. ثم اتضح فيما بعد أن الصناديق لم تكن تحتوي سوى على رؤوس الضحايا السبعة. وقد ظلت قضية الرهبان، الذين اختطفوا ليلة 26 إلى 27 مارس 1996 وعثر عليهم مقتولين في 21 ماي من نفس العام، أحد فصول التوتر الذي سمم العلاقات الجزائرية الفرنسية طيلة أكثر من 15 سنة. وساهمت زيارة هولاند إلى الجزائر، نهاية 2012، في تخفيف هذا التوتر عندما تطرق إلى الملف مع الرئيس بوتفليقة. ونقل الرئيس الفرنسي عن نظيره الجزائري أنه أعطى “كل التعليمات للقضاء للذهاب إلى أقصى حد في التحقيق”. كما نقل عنه تعهدا بأن يحرص “شخصيا على تقدم التعاون” بين القضاء في البلدين بخصوص الملف. وأظهرت الجزائر، في فيفري 2012، استعدادا للتجاوب مع الإنابة القضائية التي وجهها قاضي التحقيق المتخصص في محاربة الإرهاب، مارك ترفديتش. إذ قال رئيس الحكومة السابق، أحمد أويحيى، إن بلده “ليس لديه ما يخفيه، بما أنه وقَع على اتفاقيات قضائية مع فرنسا تتناول التعاون فيما بينهما”. ومن المرجح أن تحرك عائلات الرهبان مرتبط بفيلم وثائقي بثته قناة “فرانس 3” في 23 ماي الماضي، يقدم شهادات إرهابيين تائبين حول الحادثة، تجمع كلها على أن جمال زيتوني أمير “الجيا” هو قاتلهم. ومعروف بالنسبة للمهتمين بالقضية، أن القاضي ترفديتش أرسل طلب الإنابة القضائية إلى السلطات القضائية الجزائرية في 16 ديسمبر 2011. ويرغب من وراء هذا المسعى في سماع أشخاص لم يسبق لهم أن قدموا شهادتهم في القضية، من بينهم عبد الرزاق “البارا”. وحضر القاضي الشهير فريقا للعمل معه في الجزائر، يتكون من طبيبين شرعيين متخصصين في البصمات الوراثية، وخبير آخر لفحص جماجم الرهبان لتحديد الطريقة التي قتلوا بها.