دورة المجلس الوطني تحت حراسة الأمن الرئاسي ومئات عناصر مكافحة الشغب للدرك الأرندي يجدد دعمه لبوتفليقة ويحاول لملمة خلافاته الداخلية هاجم الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي، عبد القادر بن صالح، حركة مجتمع السلم، دون أن يسمّيها، بسبب “محاولة الاستثمار” في مرض رئيس الجمهورية، واصفا إياهم ب«مصدر الغرابة”، لأنهم “كانوا شركاء في المسؤولية الوطنية، وهم الآن يبحثون عن عذرية جديدة معتقدين خطأ أن الشعب سيصدّقهم”. وتحدّث بن صالح عن توفيق في مهمته على رأس الأرندي في دورة للمجلس الوطني جرت تحت طوق أمني غير مسبوق، بسبب استقدام المئات من عناصر مكافحة الشغب التابعين للدرك. لم تكن الأجواء عادية في محيط تعاضدية عمال البناء بزرالدة أمس، حيث عقدت الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني، قياسا للعدد المعتبر من المدرّعات التي استقدمت المئات من عناصر مكافحة الشغب للدرك الوطني انتشروا خارج التعاضدية وحول القاعة التي احتضنت أشغال الدورة، وأضاف المنظمون إجراءً آخر بوضع جهاز “سكانير” بمدخل القاعدة، وحوله حراسة مشددة من قِبل الأمن الرئاسي. كل ذلك أعطى انطباعا أن محيط بن صالح كان يخشى انفلات الأوضاع بين المناضلين، بسبب خلافات لم تتمكّن الأشهر الخمسة من قيادته للحزب من إنهائها. وفي سياق حديثه عن المنجزات داخل الحزب، وجّه الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي انتقادات حادة نحو حركة مجتمع السلم، وكان يتحدث عن مرض الرئيس بوتفليقة، فقال: “تابعتم جميعا في الأسابيع الماضية خروج تجار الفتنة وباعة الوهم من جحورهم للاستثمار في مرض الرئيس شفاه اللّه.. أناس تقودهم الأنانية وحب الذات سعوا، من خلال مواقفهم، لإيهام الرأي العام بوقوع كارثة في البلاد وقيام معضلة يستحيل حلّها”، وتابع وصفه: “فلم يحتكموا لا إلى العقل، ولا إلى الأخلاق، ولا إلى السياسة”. وأضاف: “ولعل من أغرب ما نراه في الساحة السياسية خروج بعض من كانوا، إلى وقت قريب، شركاء في المسؤولية الوطنية على المستوى السياسي والأخلاقي، وهم الآن يحاولون، فرديا وجماعيا، شراء “عذرية” جديدة للظهور أمام الرأي العام الوطني” . وخاض بن صالح في قضايا كثيرة ضمن خطاب طويل من 17 صفحة، جدد خلاله دعم الحزب لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ودافع عن حصيلة عمله، قائلا: “أقنعت الواحد والآخر، وعملنا على طمأنة النفوس، ويمكن القول إننا أصبحنا نسير في الطريق الصحيح”، وتابع: “من حسن الحظ أن الخلاف لم يكن حول الخيارات الكبرى للحزب وإنما حول الممارسة، وهذا ما سمح بإذابة الجليد بين أفراد الأسرة الواحدة”. لكنه أقر بأن مهمة توحيد جميع التيارات داخل الحزب لم تتم بنجاح كامل “ليست لديّ عصا سحرية، ولا أملك وصفة جاهزة لمعالجة المظاهر غير الصحية، ولجنة المؤتمر هي المخوّلة بتقييم مسيرة الحزب وتحديد مستقبله”. وإن كان خطاب بن صالح، أمام أعضاء المجلس الوطني، وحديثه بمنطق “الأزمة السابقة”، لم شر إلى ما يمكن وصفه بالصراعات، فإنه لم يكن عاكسا بشكل كامل لطبيعة ما يجري في كواليس الحزب، حيث شهدت الجلسة المغلقة، بعد مغادرة الصحافة للقاعة، مشادات ومداخلات عنيفة، وقد لمّح يحي ڤيدوم، المنسق السابق لحركة “تقويم وإنقاذ” الأرندي، لشيء من هذا الخلاف المستشري، وقال، في تصريح مقتضب ل«الخبر”، إن “اللهجة لم تتغير كثيرا والرنة نفسها”، وقصد، على الأرجح، ممارسات شبيهة بما كانت تعيبه الحركة على فترة أحمد أويحيى. لكن الوزير الشريف رحماني هوّن من حديث الصراعات، قائلا ل«الخبر” على هامش الدورة: “انظروا إلى الهدوء الذي يميّز الأشغال، هذا معيار يمكن القيام بالحكم على أساسه”، وكان جوابه عن سؤال حول إن كان يعتقد بنجاح بن صالح في مهمته: “لا يمكني تقييم فترة، لكن هناك عمل في مصلحة الحزب”، وتابع أن مسألة ترشحه للأمانة العامة للحزب غير مطروحة في الوقت الحالي.