30 مليارا لترميم بنايات كل سنة و60 مليونا لتأمين "نافذين" في شركة محلة قطاعات التربية والتعليم العالي والتكوين المهني والثقافة والشباب والرياضية معنية بالفضيحة تكشف وثائق سرية تحصلت عليها “الخبر” عن نهب “منظّم” لأموال نصف مليون عامل منخرطين في التعاضدية الوطنية لعمال التربية والتعليم العالي والثقافة والشباب والرياضة والتكوين المهني. وتحمل التقارير نماذج من “العبث” والاعتداء على القانون وتبديد أموال بحجة الترميم والتأمين، رغم أنّها وصلت إلى مكتب وزير العمل الطيب لوح باعتبار وزارته الهيئةَ الوصية على التعاضديات. فتح عدم تغّير القوانين التي تسيّر التعاضديات وعدم وقوعها تحت إشراف مالي ومحاسبي من قبل هيئات مختصة وغياب مراقب مالي منتدب من الخزينة العمومية، فتح المجال واسعا ل"أيادي العابثين” للمساس بأموال تقدّر بمئات المليارات هي ملك و"حق” لأزيد من نصف مليون عامل من وزارات التربية والتعليم العالي والشبيبة والرياضة والتكوين المهني منخرطين في تعاضدية وطنية سنة 1990. وتثبت تقارير أنجزت لكشف التلاعبات والنهب “المنظم” لأموال “العمال الزوالية” وهي في الأصل اشتراكات تقتطع شهريا من رواتبهم، طرقَ الاعتداء على القانون ونهب وتبديد أموال المتعاضدين التي “تذوب” في اتفاقيات وهمية بهدف صرف أموال التعاضدية وإعادة “اقتسامها” في المقاهي. ويظهر تقرير خصّ لمعالجة “الاستثمار والتجهيز”، أن القيمة الإجمالية للاستثمارات التي نفذت لصالح المقر الوطني للتعاضدية الوطنية لعمال التربية والثقافة إلى غاية جويلية 2005، قدّرت ب2.660 مليار سنتيم، اقتطع منها 381 ألف دينار حقوق صرف لتسوية قطعة أرض بولاية البليدة، لكن الدراسة “الشاملة” التي انطلقت أوصت لجنة المراقبة بتوصيات لم تحترم، حيث لم يظهر وجود لوصل الطلب والفاتورة الأصلية ووصل الاستلام الممضي من طرف الشخص المستلم خلال الإقدام على تسوية وتخليص الفاتورات. ترميمات لشركات في حالة “إنعاش” وفي الشأن ذاته، بقيت عملية الاستثمارات مرهونة بعمليات الترميم والإصلاحات، واستمر معها “التهام” أموال المتعاضدين حسب التقرير، لفائدة مؤسسات في حالة إنعاش، وصرف النظر عن استغلال الأموال في استثمارات جديد تخضع لدراسة جدوى مسبقة ومضمونة النتائج تخص المراكز الصحية، أو تحسين ظروف مراكز التخليص وبناء دور معلم جديدة في مواقع ذات امتياز طبيعي وسياحي. كما أشار التقرير إلى مبالغ طائلة حوّلت إلى دور المعلمين من أجل تسديد التزام مسؤوليها نحو الموردين لكنها وقعت في عجز مالي: وهي دار المعلم بتيبازة 90 مليون سنتيم، ودار المعلم بخنشلة 50 مليون سنتيم، ودار المعلم بقالمة 60 مليون سنتيم، فيما رصدت اللجنة التقنية إعانات منحت لبعض دور المعلمين من أجل شراء تجهيزات بمبلغ خيالي قدر ب8.770 مليار دينار وزعت على 4 دور معلمين هي: كنستال بوهران ب1.944 مليار دينار، مستغانم ب374400 دينار، الجزائر ب1.220 مليار دينار وولاية تيبازة ب200 ألف دينار. تضخيم في الفواتير والتعويضات عن المهمَّات وفي جزء آخر من نتائج تحقيق اللجنة الوطنية للمراقبة، تفحصت الهيئة ذاتها، محتوى فاتورة رقم 24/03 تضمنت “أمورا غامضة” تتعلق بأسعار خيالية وبضاعة “خليطة” من تجهيزات مسلَّمة من قبل ممون واحد، والغريب أنه يحمل صفقة “مكتبة للإعلام الآلي”، كما وقفت اللجنة على “تناقض صارخ” خلال التعاقد مع مطاعم عن طريق تحديد سعر الوجبة الواحدة ب230 دينار، وعند الدفع تحسب الوجبة بمبلغ 300 دينار، ما ترتب عنه خسائر وأضرار لحقت بالتعاضدية. وفي جزء آخر، ورد في التقرير أن التعويضات عن المهمات غير قانونية باعتبار أن هذا التنظيم من صلاحيات الجمعية العامة وفق المادة 29 في الفقرة السادسة من القانون الأساسي، وليس من اختصاص المدير العام، وغياب الوثائق الثبوتية “قائمة جماعية مفتوحة” وغير مؤشرة، وكذا تضخيم في تعويضات المهمات لدى الطاقم الإداري. أما قيمة التعويضات فمحدّدة ب2000 دينار حسب تشريع الإدارة، لكنها تغيرت على “أيدي العابثين” إلى 4000 دينار لليوم الواحد، دون المرور على الجمعية العامة. كما فجّر التقرير قضية التأمين على الأشخاص، حيث استفاد أعضاء من الجمعية العامة من تأمين بقيمة 60 مليون سنتيم من طرف شركة تأمين مُحلَّة، فضلا عن إبرام العقد من طرف المدير العام بطريقة التراضي دون اللجوء إلى عمليات المقارنة والمقاربة والمفاضلة ودراسة عروض مقدمة من شركات أخرى منافسة، وكذا وجود قائمة المؤمنين في صفة غير رسمية وعقد التأمين غير واضح البنود ولا يحدّد الحقوق المترتبة عن الشركة بدقة وتفصيل. اختلاس في فوارق الحصيلة الجبائية والمالية وفي الوقت الذي سجلت فيها اللّجنة تخصيص ثلاثة مليارات لترميم بنايات، نبّه تقرير آخر إلى أن المراكز الطبية تفتقر إلى التدفئة، وأشغال إصلاحها متوقفة بعد أن لحقت أضرار بليغة بسقف وبلاط مركز الجزائر، في حين تشهد مراكز أخرى حالة من الفوضى، وتحتكر صلاحيات تسييرها من قبل الإدارة دون العودة إلى أهل الاختصاص. وفي شق دور المعلم، ورد في عينة من تقرير أنجز عن دار المعلم بولاية خنشلة، أن هناك تناقضا بين بيانات الشرطة وسجل العرض اليومي وفواتير المستأجرين، واختلافا بين بيانات الحصيلة المالية المصرح بها وبيانات الحصيلة الجبائية. فمثلا مداخيل سنة 2004 بلغت مليار و666 مليون سنتيم، والمصاريف مليار و359 مليون سنتيم، فيما قُدّرت الأرباح المصرح بها في الحصيلة الجبائية ب177 مليون و667 دينار، وهنا تساءلت اللجنة عن كيفية حساب اقتطاع بنسبة 10% وقدرت ب370 آلف دينار. كما تساءلت اللجنة في تقريرها عن المبالغ المحصلة عن عملية البيع بالمزاد العلني للتجهيزات وقدر المبلغ ب3 مليارات و659 مليون. محام يتقاضى مليارا و180 مليون سنتيم وفي مجال الاتفاقيات، تعاقدت الإدارة العامة للتعاضدية الوطنية مع المحامي “س.ب” وفق بنود ثابتة، حيث يستفيد من أتعاب ثابتة بمبلغ 4 ملايين سنتيم شهريا وتعويض معلوم مقابل كل قضية يترافع فيها، تختلف حسب درجة المحكمة ويتراوح ما بين 16500 دينار إلى 35 ألف دينار، لكن تقرير اللجنة التي تفحصت فيه كشف أتعاب المحامي، ذكرت أنه لم يحترم مضمون الاتفاقية في الفقرة المتعلقة بالتعويض المعلوم ورفع أتعاب المرافعة من 35 ألف إلى 40950 دينار، كما طلب بتعويض مصاريف النقل واحتسابها ما بين 1400 إلى 2200 دينار عن كل تنقل رغم أنه داخل مجلس الجزائر. ورغم خرق هذا المحامي حسب التقرير لنص الاتفاقية، فقد سوَّت الوصاية أتعابه وحولت له المبلغ الذي ثبت على كشف التعويض والمحدّد بمليار و47 ألف و550 دينار، وعادت اللجنة إلى الحساب رقم 625510 بعنوان مصاريف منازعات المحامي، ثبتت اللجنة “تجاوزا كبيرا” في هذا الحساب الذي وصل إلى نسبة تجاوزت 242.64% باستهلاك قدره مليار و213 ألف و180 دينار لغاية سبتمبر 2005. تعاقد مع زبائن دون وثائق رسمية وب"الملايين” وفي باب “التهيئة والترميمات”، ذكر تقرير اللجنة الوطنية للمراقبة أنّ المعاينة قدّرت تكلفتها المالية المنفذة من قبل المقر الوطني لفائدة بعض مراكز الدفع ودور المعلم والمراكز الصحية ب30 مليار و557 ألف و444 دينار، وكانت حصة الأسد من نصيب دور المعلم بقالمة ومستغانم ووهران، وكانت أول ملاحظة سجلتها اللّجنة هي “التجاوز الكبير” في الميزانية المرصودة لهذا الباب الذي بلغ 260%. وتحفظت اللجنة عن العملية المالية المسجلة على الأمر بالدفع رقم 01 بتاريخ 3 أكتوبر 2004، بمبلغ قدره 84 مليون سنتيم مسجلة لفائدة ديون زبون في ظل غياب الوثائق المحاسبية (الفاتورة ووصل الطلب). وفي ظل هذه الفضائح التي سلبت فيها أموال نصف مليون عامل، لم تحرك وزارة العمل ساكنا بصفتها الهيئة المخوَّلة برعاية الوصاية على التعاضديات، رغم تلقيها إرساليات عن تعفن الأوضاع وسيطرة “نافذين” في المركزية النقابية على التعاضدية الوطنية لعمال التربية والتعليم العالي والثقافة والشباب والرياضة والتكوين المهني، بدليل وجود الرئيس الحالي للتعاضدية مشرفا على تجديد الجمعية لأصدقائه ولو كانوا متقاعدين وفيهم من قضى 40 سنة في التعاضدية.