يغذي استمرار الغموض حول الوضع الصحي لرئيس الجمهورية، الجدال السياسي ما بين أحزاب السلطة وبين المعارضة. ففي الوقت الذي يرى موسى تواتي أن الجزائر تعيش حالة فراغ دستوري بالنظر لاستحالة العمل بالمادة 88 التي تولّدت عن مرض الرئيس، يقف رئيس حزب "تاج" عمار غول ضد أولئك الذين يقولون إن عبد العزيز بوتفليقة مات سياسيا، ويتّهم الذين يتحدثون عن مرض الرئيس بأنها جهات تهدف إلى الاستثمار في مصالح خاصة. ويدافع عبد الرزاق مقري أنه " لا أحد يزايد على حركة حمس في وطنيتها، لأنها في الوقت الذي شاركت فيه في انتخابات 1995، هناك من الأحزاب من قاطعها، وبعضها غادر الوطن، في حين أن بعضها لم يكن موجودا. هذا السجال الذي ولّده مرض الرئيس ودخول فترة غيابه شهرين، من شأنه أن يزداد مع مرور الأيام كلما اقترب موعد رئاسيات 2014. مقري قال إن لا أحد يزايد على حمس في وطنيتها شاركنا في رئاسيات 95 عندما قاطعتها أحزاب وغادر آخرون الجزائر قال رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، إنه ”لا أحد يزايد على حركة حمس في وطنيتها، لأنها في الوقت الذي شاركت فيه في انتخابات 1995، هناك من الأحزاب من قاطعها، وبعضها غادر الوطن، في حين أن بعضها لم يكن موجودا. ورافع مقري، مساء أول أمس، أمام مناضلي حركته في تجمع بدار الثقافة ببشار، من أجل تبرير المواقف الأخيرة لحركة حمس، أين رد على من استغربوا تموقع حركته في جناح المعارضة، أنه تنقصهم الثقافة الديمقراطية، معتبرا أن وجود حمس في المعارضة هو من أجل الوطن ومن أجل إنقاذ الجزائر من الفاشلين، وقال: ”بعدما أدينا واجبنا من أجل إنقاذ الجزائر، نحن نساهم اليوم في بناء مؤسسات الدولة”. وعرج رئيس حركة مجتمع السلم إلى الحديث عن الزعيم الروحي للحركة، الشيخ محفوظ نحناح، حين قال: ”إن الشيخ هو من نجح في انتخابات 1995 حين صوّت عليه الفقراء والأغنياء والجنود داخل الثكنات، ومن زوّروا هذه الانتخابات هم من جاءوا إليه وأخبروه أنهم زوّروها من أجل المصلحة الوطنية، أين أكد أن ”الحركة لا تمارس السياسة من أجل المناصب، بل من أجل الوطن”. ونبّه عبد الرزاق مقري إلى الخطر الذي بات يهدد البلاد، المتمثل في الفساد والفشل، وعاد للقول إن خروج الحركة من التحالف سببه عدم تعاطي أحزاب السلطة مع مساعي الحركة ورفضهم التعاون من أجل مصلحة البلاد، أين فضلوا الاستئثار بالسلطة وبالقرار. وانتقد مقري الضبابية التي أضحت تلف مواقف الكثير من أحزاب السلطة والمعارضة، دون أن يذكرها بالاسم، فهذه الأخيرة تؤيد الحكومة في تصريحاتها رغم أنها في المعارضة وأحزاب الحكومة أضحت تنتقد أداء الحكومة نفسها، ما أخلط الحسابات لدى المواطن وجعله لا يعرف من هو المسؤول ومن يحاسب من؟. ودعا مقري بقوله من نجح في الانتخابات لابد أن ندعه يحكم، لكن ما يحدث في الجزائر هو الاستثناء الوحيد، ليعود ويستهجن المزايدة بالوطنية من طرف أحزاب السلطة، التي قال عنها إن كل من ينضوي تحت لوائها هو وطني ومن يعارضها تجرده من الوطنية، مشددا أن الحركة في المعارضة بأبعاد وطنية. وأضاف أن حمس جاءت من أجل تصفية العمل السياسي في هذا البلد، الذي ينتقد فيه رئيس الجمهورية الحكومة، والوزراء ينتقدون بعضهم البعض، فيما تدعم أحزاب المعارضة الحكومة والنظام، ليختم كلامه بعبارة: ”في هذا الوطن ينجح حزب بالانتخابات، لكنه لا يحكم”، معتبرا حمس محور العمل السياسي. فإذا كانت في المعارضة، فإن الكفة ستميل إليها. بشار: ع.موساوي تواتي يرى أن الدستور أصبح لاغيا لاستحالة العمل بالمادة 88 الجزائر تعيش فراغا دستوريا اعتبر رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، أمس، أن الجزائر تعيش فراغا دستوريا لاستحالة العمل بالمادة 88 الخاصة بإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية، وطالب بحل المجالس المنتخبة الوطنية والمحلية. وقال تواتي في ندوة صحفية، أمس، بمقر الحزب بالعاصمة، إن ظهور الرئيس بوتفليقة على شاشات التلفزيون لا يبرر عدم تطبيق أحكام المادة بتنحية الرئيس بعد ثبوت المانع الطبي وموافقة ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان، ثم استدرك ”إن الدستور الحالي أصبح لاغيا، لأننا لم نطبق أحكامه، ناهيك عن كون صياغة أحكام الدستور تمت بعيدا عن الشعب ووضعت عمدا ليصعب تطبيقها”. ودليله على ذلك، استحالة قيام رئيس المجلس الدستوري ورئيس مجلس الأمة تطبيق أحكام المادة 88”. ورفض تواتي القراءات التي أعطاها محللون ووسائط إعلامية، ممن اعتبروا ظهور الرئيس على الشاشة يبطل تفعيل هذه المادة. وأضاف أن وجود الرئيس خارج الوطن لحوالي شهرين، يختلف عن وجوده في قصر الرئاسة، أي على أرض الوطن. وتوجه تواتي إلى وزارة الدفاع الفرنسية والأطباء الفرنسيين الذين يتولون عملية التأهيل الوظيفي للرئيس بوتفليقة في مركز الراحة ”ليزانفاليد” بالكشف عن ملفه الصحي، وقال إنهم ”أطباء محلفون ملزمون بقسم ويخافون على سمعتهم، وإمكانية مقاضاتهم مستقبلا، وبالتالي من واجبهم مصارحتنا إن كان قادرا على ممارسة الحكم أو لا”. وتمنى تواتي للرئيس الشفاء من مرضه، مؤكدا أنه يخشى هو أن ”يعاد إلينا الرئيس وهو ميت”، ما يدعو إلى إيجاد حل استعجالي يستفتى الشعب فيه، حسب قوله. ودافع تواتي عن قراره بالترشح للانتخابات الرئاسية، رافضا وصفه بأرنب سباق، وأفاد أن ترشحه الذي تقرر في الدورة الأخيرة للمجلس الوطني يهدف إلى إحداث التغيير السياسي في الجزائر. واقترح رئيس الأفانا، من جانب آخر، حل المجالس المنتخبة وإصلاح النظام الانتخابي واعتماد التصويت الالكتروني، مذكرا بمقترح سابق له قدمه في 2009 بهذا الخصوص يضمن، حسب قوله، شفافية أكبر للانتخابات. الجزائر: ف.جمال ”تاج” ستكون له كلمة الفصل في الرئاسيات المقبلة غول: بوتفليقة لم يمت سياسيا اعتبر عمار غول، رئيس حزب تجمع أمل الجزائر ”تاج”، أن الأصوات التي تتحدث يوميا ومنشغلة بصحة الرئيس، بأنها جهات تهدف إلى الاستثمار في مصالح خاصة من خلال هذا الوضع الذي يمر به رئيس الجمهورية، مؤكدا أنه ”ضد أولئك الذين يقولون إن عبد العزيز بوتفليقة مات سياسيا”. وأشار غول في تجمع له بدار الثقافة بوسط مدينة باتنة، أمس، أن حزبه سيلعب دورا مهما في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وستكون له الكلمة في الفصل في المرحلة القادمة، مؤكدا أنه بصدد انتظار صدور مسودة الدستور حتى يقدم حزبه مقترحاته حول الوضع المستقبلي للجزائر، خاصة على الجبهتين، الاقتصادية والاجتماعية، وهو يسعى، حسبه، رفقة من ساهم في تأسيس هذا الحزب الفتي في أن يجعل منه قوة سياسية، رافضا أن يوصف حزب ”تاج” بأنه للمساندة والتصفيق، فهو مثلما أكد حزب وطني يضم في صفوفه الإسلاميين والوطنيين والديمقراطيين. وقال غول في هذا الشأن، إن هناك من يريد تثبيت ذلك بعدما وجدنا ندافع عما تم إنجازه في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهي إنجازات لا يحق لأحد نكرانها أو تناسيها، مذكرا بدور كل الرؤساء، بمن في ذلك اليامين زروال الذي قبل بالمهمة في فترة صعبة، مضيفا أن الجميع مطالب بالتحدث عن هؤلاء الذين يمثّلون رموزا للوطن وللتاريخ بصورهم الإيجابية، ولا يمكن أن ندير لهم ظهورنا. باتنة: سليمان مهيرة الأرندي يؤخر مؤتمره والأفالان يبحث عن تاريخ للجنته المركزية مرض الرئيس يخلط حسابات أحزاب السلطة
اضطر الأرندي لتمديد موعد انعقاد مؤتمره الرابع إلى ديسمبر المقبل، بعدما كان مبرمجا انعقاده قبل نهاية السداسي الأول من السنة الجارية. وهو تمديد، وأن كان ظاهره ”دفن” خلافات الحزب الداخلية، فإن باطنه على صلة مباشرة بحالة الضبابية التي تولّدت عن مرض الرئيس وعدم وضوح الرؤيا بشأن الخلافة. وهذه الضبابية أيضا وراء عدم تمكن فرقاء الأفالان من الاتفاق على تاريخ مشترك لدورة اللجنة المركزية لانتخاب أمين عام. إذا كان البعض من مناضلي الأرندي يرى في انعقاد دورة المجلس الوطني للحزب في هدوء ”انجازا”، بالنظر إلى استمرار الخلافات التي كانت وراء رحيل أويحيى، فإن الدورة لم ترسم أي آفاق جديدة، باستثناء تنصيب لجنة تحضير المؤتمر وتحديد تاريخه في نهاية السنة الجاري، وهو أمر يظهر أن قيادة الأرندي برئاسة عبد القادر بن صالح فضلت الاستثمار في عامل الوقت إلى غاية تبين لها الخيط الأبيض من الأسود بشأن مستقبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم، خصوصا بعد اقتراب فترة غيابه عن البلاد من الشهرين بالتمام والكمال، وخضوعه لفترة ”إعادة تأهيل وظيفي” لم يحدد الأطباء مدتها. صحيح أن عبد القادر بن صالح أعلن دعم حزبه للرئيس بوتفليقة في حال رغب في تمديد فترة حكمه بطلب الولاية الرابعة، لكن هل وضع الرئيس، بعد رحلة فال دوغراس، يؤهله للاستمرار في سدة الحكم؟. لم يقدم الأمين العام بالنيابة للأرندي موقفا جديدا للحزب في هذا الشأن، عقب دورة المجلس الوطني، وكل ما قيل هو استمرار لمواقف الحزب السابقة المساندة للرئيس باعتباره طرفا في التحالف الرئاسي. ويؤشر هذا الأمر أن حزبي السلطة الأفالان والأرندي لا يريدان أن يفتحا ملف الوضع الصحي لرئيس الجمهورية وينتظران ما يأتي في قادم الأيام ب«إيعاز” من أصحاب القرار، خصوصا وأن مقربين من محيط بن صالح لمحوا إلى طموح لدى الرجل الثاني في الدولة للصعود للدرجة الأولى، في حال زهد بوتفليقة في ذلك. ولذلك، اكتفت دورة المجلس الوطني للأرندي في الظرف الحالي بلعب دور وقف هجومات أحزاب المعارضة المطالبة بتفعيل المادة 88 من الدستور لإعلان العجز الصحي للرئيس، وهو ما حرص الحزب على تضمينه في البيان الختامي، حيث أعرب عن ”بالغ الاستياء من دعاوى أولئك الذين يقدمون قراءات للدستور ويحاولون بها إضفاء حالة من الضبابية والغموض، وهي قراءات تفتقد للنزاهة ولا تحتكم إلى العقل ولا إلى الأخلاق ولا إلى السياسة”. وهي نفس المهمة التي كلف بها الأفالان من خلال الخرجات الميدانية التي قام بها عبد الرحمان بلعياط في كل من تمنراست وتيبازة، حيث اتهم ”من يطالبون بتفعيل المادة 88 بالتطاول على الشرعية”. وأبدى بلعياط، إصرارا على ترشيح بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة ”في حال تعافى من مرضه”، ما يعني أن أحزاب السلطة تريد الإبقاء على ”الستاتيكو” الحالي، عن طريق منع المعارضة من فتح سباق الخلافة مبكرا أو انفرادها بإدارة النقاش حول الرئاسيات المقبلة. ويعكس هذا الأمر أن النظام لم يرس على أي أمر، رغم دخول مرض الرئيس وغيابه عن البلاد شهره الثاني، وانعكس ذلك بوضوح داخل حزبي السلطة الأفالان والأرندي، وحتى لدى شركائهم في الحكومة (الحركة الشعبية الجزائرية لعمارة بن يونس وحزب تاج لعمار غول)، حيث يعيشان حالة من الجمود، جعلت الأفالان غير قادر على برمجة دورة للجنة المركزية وزحزحة موعدها من شهر لآخر، وهو وضع على علاقة مباشرة بما يجري داخل النظام من حيرة وتردد. الجزائر: ح.سليمان