من الطبيعي أن يمرض رئيس الجمهورية، لكن غير الطبيعي هو أن يتحول مرضه إلى أزمة عامة تقلق البلد ساسة ومواطنين... شخصيا لم ألتق شخصا ولم أسمع شخصا يقول بأنه يتمنى السوء للرئيس بوتفليقة... أما إذا وجد جزائري يتمنى مثل هذه الأمنية فهو شخص مريض نفسيا ومعتوه وجب التفكير في علاجه لا التركيز عليه والبناء على أقواله وأمانيه. عندما يفقد الرجل الثاني في الدولة عبد القادر بن صالح أعصابه ويصف كل من يختلف معه في كيفية معالجة ملف مرض الرئيس ب “الأصوات الناعقة وتجار الفتنة ودعاة التيئيس”، فإن مستوى ساستنا ومستوى تعاطيهم مع القضايا الوطنية قد تجاوز كل مستويات الضحالة السياسية، حتى وإن كانت خرجة بن صالح هنا لا تعدو أن تكون مجرد مزايدة سخيفة لا تقدم ولا تؤخر في شيء، خاصة وأنها تأتي من وجه سياسي أصبح بحكم طول مدة بقائه في واجهة الحكم مظهرا من مظاهر الإفلاس واليأس... أما عندما يعبر الوزير الأول عبد المالك سلال عن أسفه لفقدان الثقة على نطاق واسع بين المؤسسات الرسمية والمواطن، ويقول “وصلنا مرحلة يكذبوننا عندما ندلي بتصريح رسمي” مع وضع خط أحمر تحت كلمة “رسمي”... عند هذا الحد وجب علينا التنبيه إلى أن البلد قد دخل بالفعل في “أزمة مضافة” بالرغم من أننا أمام مجرد ظاهرة طبيعية يحتمل أن يتعرض لها كل الناس وأي رئيس في العالم، فهل قدرنا أن لا نعيش إلا في دوامة أزمات لا تنتهي، وهل العيب في الذين يثيرون مخاطر تداعيات مرض رئيس مريض بالفعل على بلد يوجد على فوهة إعصار إن لم نقل فوهات أعاصير ناتجة عن وضع داخلي متأزم نتيجة فساد مستشر في مؤسسات الدولة والمجتمع، ونتيجة وضع إقليمي ودولي مضطرب... أم هل العيب في أمثال الهاربين إلى الأمام من أمثال بن صالح الذين ينتابهم الهلع كلما سمعوا صوتا يعتقدون أنه قد يتسبب في تغيير الأوضاع التي ألفوها وغرقوا في نعيمها... لهؤلاء نقول بأن الرئيس مريض بالفعل، وهو شبه غائب عن الحياة السياسية للبلد منذ سنوات طويلة، ولو لم يورطه أمثال بن صالح في العهدة الثالثة، لكان اليوم في وسط الجزائريين مثل مانديلا في أوساط الجنوب إفريقيين، وليس في وضعية روبرت موغابي في زيمبابوي، فلماذا أوصلتموه إلى هذا الحد وأدخلتم البلاد في هذه الوضعية... ولهؤلاء نقول كذلك، أتركوا الرئيس يرتاح وكونوا على ثقة بأن مصالحكم مضمونة وستقضون بقية حياتكم في النعيم الذي ألفتموه... أما إذا أصررتم على عبثكم وغيّكم، فثقوا بأنكم تدفعون بالبلد إلى واقع ستدفعون فيه الثمن أكثر من غيركم. أخيرا نسأل ونتساءل... أيهم يحترم الرئيس ويبجله ويقدره، الذين يريدون أن يكون مثل مانديلا، أم الذين أرادوه “موغابيا” آخر في إفريقيا؟