ربطت نقابات التربية ما وقع من احتجاجات عقب صدور نتائج البكالوريا هذه السنة، بالتنازلات التي قدمتها الوزارة في السنوات الأخيرة، خاصة بلجوئها إلى تحديد عتبة الدروس وتغييب سياسة “العقاب”، ما دفع بالتلاميذ إلى الخروج في احتجاجات شارك فيها “الغشاشون” والراسبون، وهو “مؤشر خطير” ينبغي على الوصاية تداركه لإنقاذ سمعة أهم شهادة وطنية. يرى المكلف بالإعلام بالمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني “كناباست”، مسعود بوديبة، أن البكالوريا التي تعد حصاد الأستاذ خلال كل سنة فقدت طعمها بسبب العتبة التي أقرتها الوزارة والاستجابة الفورية لمطالب التلاميذ التي أنتجت ظاهرة الغش التي تطورت بشكل غير مسبوق، وهو ما حدث خلال هذه السنة أين أصبح الغش “جماعيا”، وتجرأ بعض التلاميذ على إشهار الخناجر في وجه الأساتذة لأجل ذلك. وربط بوديبة ذلك بسياسة اللاعقاب التي تنتهجها الوزارة، كما أن هناك نقطة أخرى، يضيف المتحدث، ساهمت في “تعفين الوضع”، وهو المساس بالسلطة البيداغوجية “فالمناشير الموجهة للمؤسسات التربوية، كلها تحد من السلطة البيداغوجية للأستاذ لدرجة المساس بسلطة مجالس الأقسام والتأديب”. وعاد بوديبة إلى حالات الغش المسجلة هذه السنة، وقال إنهم طالبوا الوزارة بفتح تحقيق لتحديد الأطراف المتورطة في ذلك، وضرورة الإعلان عن نتائج ذلك قبل الإعلان عن البكالوريا، وهو ما لم تلتزم به الوزارة، حسبه، خاصة وأنه تبين من خلال تقارير “الكناباست” أن هناك ممثلين على مستوى الإدارة تورطوا في الأمر، ما يستدعي معاقبتهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم. وفي تعليقه على تراجع نسبة النجاح، قال مسعود بوديبة “ارتفاع النسبة أو تراجعها، لا يعني تراجع أو تقدم المستوى”، لأن هناك معطيات ينبغي إعادة النظر فيها، بضرورة الأخذ بنتائج التلاميذ السنوية واحتسابها مع معدل البكالوريا، باعتبارها الطريقة المثلى لمعرفة المستوى الحقيقي للتلميذ وإلغاء العتبة نهائيا والتفكير بجديدة في كيفية تخفيف البرامج. أما رئيس الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين “اينباف”، الصادق دزيري، فأكد أن تراجع النتائج لا يمكن حصرها في سبب واحد وهي لا تعبر عن فشل أو نجاح الإصلاحات. وربط المتحدث ارتفاعها أو انخفاضها بعدة عوامل، منها سهولة الأسئلة أو صعوبتها، سلم التنقيط المعتمد، التصحيح وكذا التحضير الجيد للتلميذ خلال مرحلة الثانوي والقسم النهائي بوجه خاص، يضاف لها ظروف تمدرس التلاميذ وتكافؤ الفرص، بينهم في التحصيل مع وجود أساتذة في الاختصاص ووفرتهم. أما بخصوص الغش، فأشار دزيري إلى أنه يسجل سنويا والسنة الماضية فقط، تم تسجيل 300 حالة، إلا أن هذه السنة أخذ بعدا إعلاميا أكبر بالنظر للظروف التي رافقت هذا السلوك، وهو ناجم، حسب دزيري، بالتنازلات التي أصبحت وزارة التربية تقدمها، بما في ذلك إعلانها السنوي عن العتبة التي أعرب “اينباف” في أكثر من مناسبة عن رفضه لها، وحذر المتحدث هنا من المساس بمصداقية شهادة البكالوريا وطنيا ودوليا إذا لم تسارع الوزارة في توقيف مثل هذا السلوك.