كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ”سي أي إي”، مؤخرا، عن مجموعة من الوثائق الرسمية أوردت لأول مرة حقائق تاريخية، منها تلك المعترفة بدور الولاياتالمتحدةالأمريكية في الانقلاب السياسي في إيران على رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا، محمد مصدق سنة 1953. لكن الذي لم تكشفه ذات الوثائق، انقلابات واغتيالات فاشلة كانت وراءها واشنطن، على غرار ما حدث مع جارتها كوبا وزعيمها فيدال كاسترو والراحل هيغو شافيز، أو ما وقع للرئيس الشيلي سلفادور أليندي الذي يصادف اليوم ذكرى اغتياله الأربعين. وتؤكد الوثائق التي كشف عنها مؤخرا بخصوص إيران لتؤكد أطروحات المؤامرة الأمريكية على عدد من الدول التي شهدت على مدار تاريخها انقلابات عسكرية واغتيالات سياسية، غيّرت من خريطة ومستقبل هذه الدول. ومما تم الكشف عنه في وثائق أرشيف الأمن القومي الأمريكي، أن الانقلاب على رئيس الوزراء الإيراني نفّذته المخابرات الأمريكية في إطار تطبيق بنود السياسة الخارجية، في إشارة إلى أنه تم التنسيق لهذا الانقلاب مع المخابرات البريطانية (أم أي 6)، في محاولة من إدارة البيت الأبيض الأمريكي آنذاك الحفاظ على المصالح الاقتصادية الأمريكية في إيران. لكن الوثائق الأمريكية بخصوص تدبير الانقلابات في كوبا ضد الزعيم فيدال كاسترو، الذي حوّل بلاده من تابعة إلى الولاياتالمتحدة، إلى عدوة لدودة بامتياز، لم يتم الكشف عنها، خاصة المحاولة الفاشلة لقلب نظام كاسترو سنة 1961 أو ما يعرف بخليج الخنازير التي أحبطتها قوات كاسترو عندما قضت على قوات المنفيين الذين دربتهم القوات الأمريكية، وتلتها بعدها بسنة أزمة الصواريخ التي انتهت بسحب الاتحاد السوفيتي صواريخه من كوبا وسحبت أمريكا صواريخها سريا من الشرق الأوسط وتركيا، وتعهد بعدها روبرت كينيدي بعدم غزو كوبا. لكن اليد الأمريكية لم تتوقف عن تدبير الانقلابات، والعالم كله يتذكر ما جرى مع الزعيم الفنزويلي الراحل هوغو شافيز بدعمها الليبراليين ومحاولتهم الانقلاب على شافيز في سنة 2002، إلا أن انقلابهم لم ينجح إلا ليومين، واستعاد بعدها الحكم ليواصل نهجه المعادي لأمريكا، كما اتهمت الحكومة الفنزويلية كلا من أمريكا وإسرائيل بالوقوف وراء وفاته. ولم يختلف الحال كثيرا مع الرئيس التشيلي المنتخب ديمقراطيا سنة 1970، سلفادور أليندي، الاشتراكي الذي نجح في الوصول إلى سدة الحكم، ما اعتبرته أمريكا خطرا محدقا على حدودها الجنوبية في ظل الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، لم تكن لتقبل بحليف لعدوها غير بعيد عن أراضيها، فقامت بالتخطيط للإطاحة بالرئيس المنتخب من خلال محاولات اغتيال لم تنجح، فحوّلت خططها إلى الانقلاب العسكري عبر دعم الجنرال أوغوستو بينوشيه سنة 1973، والذي نفذ الانقلاب بدعم أمريكي كانت نتيجته مقتل الرئيس المنتخب ديمقراطيا وسلسلة اعتقالات واغتيالات لكل الموالين له في مثل هذا، اليوم 11 سبتمبر. وبهذا الخصوص، عادت مجلة ”فورين بوليسي” للوقائع التاريخية للبحث في الانقلابات التي وقفت وراءها الولاياتالمتحدةالأمريكية، من خلال التدقيق في الوثائق الرسمية وتجميع لشهادات فاعلين في الأحداث، قام به رئيس التحرير المساعد للمجلة السياسية، جون دانا ستوستر، والذي خلص إلى أن مخابرات بلاده مسؤولة عما لا يقل عن سبعة انقلابات عبر العالم، وعبر مراحل مختلفة من الزمن، من خلال تدبير اغتيالات سياسية أو إسقاط حكومات، بعضها منتخب ديمقراطيا. ومن الاغتيالات السياسية التي أوردتها مجلة ”فورين بوليسي”، اغتيال المناضل الإفريقي وأول رئيس وزراء الكونغو، باتريس لومومبا، الذي مات في ظروف غامضة سنة 1961، وجاء الاغتيال بسبب سعي لومومبا لتخليص بلاده من الاستعمار البلجيكي والتقرب من الاتحاد السوفيتي، الأمر الذي رأت فيه الولاياتالمتحدة تهديدا لمصالحها في إفريقيا، فما كان من مخابراتها إلا أن قدمت الدعم للسلطات الاستعمارية البلجيكية بهدف وضع حكومة موالية لأمريكا في الكونغو، فكانت حكومة جوزيف موبوتو بعد مقتل لومومبا ورفاقه. انقلابات المخابرات الأمريكية @ إيران العام 1953: الانقلاب على رئيس الوزراء المنتخب محمد مصدق بسبب سعيه لتأميم شركات النفط. @ غواتيمالا العام 1954: الانقلاب على الرئيس جاكوبو أربينز بسبب سعيه لاستصلاح الأراضي الزراعية التي تسيطر عليها شركات الغذاء الأمريكية. @ كونغو العام 1960: الانقلاب واغتيال أول رئيس وزراء الكونغو، باتريس لومومبا لمطالبته باستقلال بلاده والتقرب من الاتحاد السوفيتي. @ جمهورية الدومينيك 1962: الانقلاب واغتيال الرئيس رافاييل تروخيو. @ فيتنام الجنوبية العام 1963: الانقلاب واغتيال الرئيس نغو دينه ديم من طرف جنرالات من معارضيه بتأييد من الولاياتالمتحدةالأمريكية. @ البرازيل العام 1964: دعمت الولاياتالمتحدة الانقلاب بقيادة رئيس الأركان أومبرتو كاستيلو برانكو خشية تحول البرازيل إلى الاشتراكية ولعرقلة نموها الاقتصادي. @ تشيلي العام 1973: الانقلاب واغتيال الرئيس المنتخب ديمقراطيا، سلفادور أليندي لمنع توجه التشيلي نحو الاشتراكية.