يؤكد المخرج مرزاق علواش، في فيلم ”السطوح”، أن الأفق لا يحمل الحقيقية دائما، لذا نجده يغوص في تجربة جديدة تحمل لونا أسود لطالما ألبسه أفلامه السابقة مثل فيلمه ”نورمال”، الذي توّج بجائزة مهرجان ”تريبكا” القطري سنة 2012، وفيلم ”التائب” الذي يختزل فيه علواش رحلة الجزائر مع العشرية السوداء. وأخيرا يبحث السيناريست والمخرج مرزاق علواش في ”السطوح” عن مخزون ”المآسي” في الجزائر البيضاء، ويلخصها في خمس حكايات أوردها علواش في 91 دقيقة، ليجد ترحابا كبيرا لدى المهرجانات العالمية، إذ يعتبر الفيلم الجزائري الوحيد الذي نجح في دخول مسابقة مهرجان أبوظبي للأفلام الطويلة لهذا العام وقبلها مهرجان فينيسيا الأخير، كما كان الفيلم العربي الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية. ما الذي يدفع علواش إلى تصوير الجزائر بتلك العدسة السوداء؟ هذا السؤال الذي يتكرر دائما عقب كل عرض لفيلم يخرجه علواش، لتكون الإجابة حسب الكثير من المتتبعين بعد عرض فيلمه ”نورمال”، إنه التمويل الخارجي. في تلك الظروف كان الاقتناع بالإجابة أمرا ممكنا جدا، نظرا لحرارة أحداث ”الربيع العربي” الذي أتى على الأخضر واليابس في العديد من الدول، وإنتاج فيلم يطالب بقيام ”ربيع عربي” في الجزائر اعتبر رشوة تقاضاها البريء. وبعيدا عن علاقة الفيلم بالجزائر تحديدا، فالمخرج ليس سفير وزارة السياحة، غير أن النظرة السينمائية التي يقدّمها الفيلم في خلفية سرد الحكايات الخمس تقدّم بانورما رائعة عن الجزائر. كما أن المخرج نجح بطريقة ذكية في ربط الحكايات الخمس، رغم تباعد مسافتها عن الالتقاء في نسق واحد، ما يجعل الفيلم قاب قوسين أو أدنى من التوثيق لحكايات تشدّك بانتظام ولا تشعر بالانتقال من قصة إلى أخرى، رغم غياب حبكة واضحة تضع خاتمة واحدة لهذا الفيلم الروائي الطويل. وسردت الأسطح الجزائرية هذه المرة قصصا تطل بين الصلوات الخمس في الجزائر، لكن الخيط السماوي فشل في أن يصنع حصنا للمجتمع يحميه من الشجع والطمع. وجعلت السوداوية في الأسطح الخمس الفيلم سلبيا للغاية، حتى أصبح السيناريو أشبه بحلقة انتقام ضد المجتمع الذي تربى فيه المخرج. يواصل علواش الاستعانة بالوجوه نفسها في أفلامه الأخيرة، فالأبطال هم شباب ”نورمال” و«التائب” من الممثلة عديلة بن ديمراد التي قادتها التجربة مع علواش لتتوج سنة 2012 بجائزة أحسن ممثلة عربية عن ”التائب” في مهرجان القاهرة السينمائي، والممثل الشاب نبيل عسلي الذي شقّ طريقه بفضل تجاربه الأولى مع مرزاق علواش، والممثل مجيد أولبصير وغيرهم من أبطال الفيلم الشباب، بما يوحي أن علواش أكثر اقتناعا من بين جميع المخرجين بأهمية إعطاء الفرصة للشباب الجزائري، كما يظهر في أحد أسطح الفيلم، الذي خصه المخرج للحديث عن تجارب الفرق الموسيقية الشابة ومعاناتها مع البيروقراطية والحڤرة وتهميش الإبداع، وهي ظواهر عاني منها أيضا سطح الشباب المصور الطامح لإخراج الجزائر في أبهى حلة.