يصطدم الجزائريون الموظفون في الحكومة وفي الإدارات والهيئات العمومية لدى محاولاتهم السفر إلى الخارج لأي سبب خاص، بإشهار شرطة الحدود بالمطارات والموانئ ومراكز العبور الحدودية “فيتو” المنع من السفر دون حيازة “وثيقة الإجازة” التي تعادل من الناحية الإجرائية “رخصة السفر” أو “مغادرة التراب الوطني”. حسب قانون 1977 الموقّع بيد الرئيس الراحل هواري بومدين، وتحديدا في المادة 11 فإنه “لا تسلم أي وثيقة سفر (جواز سفر) ولا يمنح أي تمديد لمدة صلاحيتها لأي شخص محكوم عليه بجناية، أو محكوم عليه منذ أقل من خمسة أعوام عن جنحة بعقوبة الحبس لمدة ستة أشهر على الأقل، أو من كان موضوع منع من مغادرة التراب الوطني أو أمر قضائي أو تحديد محل الإقامة (الإقامة الجبرية)”. وفي هذا الإطار، ينسحب المنع على الأشخاص الحائزين على جواز السفر، لكنهم ارتكبوا واحدة من الممنوعات المذكورة، أو صدر بحقهم أمر قضائي أو تحديد الإقامة. وتؤكد مصادر بالوظيف العمومي عدم وجود قانون يمنع المنتسبين إليه من السفر، على اعتبار أن الدستور، وهو القانون الأساسي والأسمى في البلاد، ينصّ صراحة في مادته رقم 44 على أن حق الدخول إلى التراب الوطني والخروج منه مضمون للمواطن الذي يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية، إضافة إلى حقه في اختيار مكان إقامته والتنقل بحرية عبر التراب الوطني. ويضطر الراغب من هؤلاء المستخدمين في مغادرة التراب الوطني للاستعانة بأصحاب “الكتاف” من المسؤولين لكي يتدخلوا في الظروف الاستعجالية مثل مرافقة مريض من العائلة أو الزوجة، من أجل السماح له بالسفر على أساس “الضامن” شفويا. وتشير المصادر نفسها إلى أنه لا يوجد أي قانون على مستوى الإدارة الجزائرية ينص على منع الأستاذ في الابتدائي أو إطار بإدارة عمومية أو وزارة أو مستشفى أو جامعة أو محكمة، من مغادرة التراب الوطني بلا “وثيقة الإجازة”، وكل ما يتم العمل به على مستوى شرطة الحدود مجرد تعليمات شفوية، وقرارات إدارية تسمو فوق الدستور الذي أصبح مثل “مسّاحة الحذاء”. انفتاح بعنوان الأحادية وحسب المبررات المقدمة على مستوى المطارات والموانئ والمراكز الحدودية البرية، فإن مبدأ المساواة بين الجزائريين غير مطبق في هذه الحالة. فالعامل أو الموظف في المؤسسات الخاصة أو الأجنبية على سبيل المثال، لا يطلب منه إظهار وثيقة الإجازة أمام شباك شرطة الحدود ومراقبة وثائق السفر. ونفس الشيء بالنسبة إلى رجال الأعمال والتجار وأصحاب المهن الحرة.. والطلبة الجامعيين غير المتابعين في قضايا جنائية أو جنح أو خاضعين لإجراءات الرقابة أو أمر بالقبض. ويعتبر هذا الإجراء واحدا من الإجراءات التي كانت سائدة في عهد الحزب الواحد، عندما كان المنتسبون للحزب هم فقط المسموح لهم بالاستفادة من السفريات إلى الخارج تحت غطاء “المهمات الحكومية والتمثيلية في المحافل الدولية”. غير أن المتتبع لمسار تطبيق هذا الإجراء يلاحظ أن فئة المنتسبين للوظيف العمومي (مدارس، برلمان، عدالة، جامعات، مستشفيات، وأسلاك نظامية) وعددهم لا يقل عن مليون ونصف المليون موظف أو مستخدم، تبقى هي الفئة الوحيدة المشمولة بتعليمات تحد من حرية الفرد في التنقل والسفر ولو لفترة وجيزة.. ناهيك عن أن المنتمين للأسلاك النظامية يشترط في السماح لهم بالسفر الحصول على موافقة من وزارة الدفاع بالنسبة للعسكريين ومديرية الأمن الوطني بالنسبة للشرطة مثلا.