الأخ سعد بوعقبة.. تحية طيبة، بعد موت محمد بن تومرت مؤسس دولة الموحدين عهد بأمره إلى صاحبه عبد المؤمن بن علي الكومي وهو من قبائل صطفورة من البربر البتر، يقال لهم كومية، وهو من غير المصامدة من البرنس جماعة بن تومرت، فخاف أصحابه افتراق الكلمة فلم يعلنوا موته حسبما قيل لمدة ثلاث سنوات، حيث كانوا ينتظرون مخالطة الدعوة قلوب المصامدة، وكان قبره بمسجده لصق داره فصاروا يموهون بمرضه ويقيمون طريقته في الصلاة والحزب الراتب ويدخل أصحابه إلى البيت كأنهم خصهم بعيادته، فيجلسون حول قبره ويتفاوضون في شؤونهم ثم يخرجون لإنفاذ ما اتفقوا عليه ويتولى عبد المؤمن تلقينهم، حتى إذا استحكم أمرهم وتمكنت الدعوة من نفوس كافتهم كشفوا موته وقدم من بقي من الخمسين من أصحاب بن تومرت عبد المؤمن وأنه عهد إليه بذلك، فبايعوه جميعا (بتينملل) سنة 525ه. فإن كان رهط بن تومرت يريدون تمكين الدعوة في النفوس، فإن التسعة رهط يريدون أن تتمكن الرداءة والفساد عبر تصريحاتهم، لنقتنع أنها من ضرورات الحكم وأن ما يقومون به من عبث وانتهازية هو من صميم العمل السياسي وكأنهم يخاطبون شعبا معاقا ذهنيا. ولعلك تدرك أن أي موقف يتعلق بمصائر الشعوب هو في الحقيقة مفاضلة بين غير المقبول وغير المحتمل. وفي ظل ما يجري من تهريج وعبث، فإننا نختار غير المقبول، لأننا قد نواجه غير المحتمل، يتحمل وزره هؤلاء الرهط الذين استخفوا بالشعب وتجردوا من أخلاق رجال الدولة. وما أشبه الليلة بالبارحة بين رهط بن تومرت وهؤلاء الرهط. النايلي - الجلفة أنت محق يا النايلي الفحل، إذا خيّر العقلاء مثلك بين غير المقبول وغير المحتمل، فإنهم لا شك يختارون غير المقبول.. فلو عرفنا ما يحدث بعد الشاذلي لاخترناه على بؤسه. حكى لي أحد النبهاء مثلك في رسالة: أن الرئيس بوتفليقة أصر على بناء المسجد الأعظم ب5 مليارات دولار في عز الأزمة ليوفر لنفسه مكانا يدفن فيه، لأنه لا يريد أن يدفن في العالية مع الرؤساء والثوار. وكدلالة على ذلك ترك له المصمم المعماري للمسجد مساحة واسعة بلا بناء شرق المحراب أي من جهة القبلة، ليدفن فيها ويضمن أن يصلي له المصلون عبر قبره الذي وضع قبالة قبلة المسجد. وفضلا عن ذلك، سمي المسجد بالمسجد الأعظم وربما بهدف تسمية المسجد بعد ذلك باسم مسجد عبد العزيز، ليصبح اسمه مسجد عبد العزيز الأعظم.! الحكاية ذكرتني بحادثة بورڤيبة الذي بنى قبره في قصر المرمر بالمنستير قبل أن يموت ب15 سنة أو أكثر، وقد استقبل بورڤيبة ذات يوم من شهر سبتمبر 1971 بقصر المرمر وقرب قبره، المرحوم الشريف بلقاسم، مبعوث الرئيس بومدين، لحضور المؤتمر الثامن للحزب الدستوري التونسي، وقد حضرت هذا اللقاء كشاب مبتدئ في الصحافة. بوتفليقة على خطى بورڤيبة في موضوع علاقته بالحكم والمرض والموت والعائلة.. فهل يكون مصيره بعد العهدة الرابعة مصير بورڤيبة في 7 نوفمبر 1987؟! تقديم بوتفليقة أوراق الترشح دل على أنه لا يتحكم في قواه العقلية أو أنه لم يقرأ الدستور أصلا.! حيث قال لمدلسي إنه يقدم أوراقه طبقا للمادة 32 من قانون الانتخابات، والحال أن الأمر يتعلق بالمادة 136 وليس المادة 32. نعم لقد دخلنا عهد البورڤيبية والتومرتية بكل المقاييس.. ونحن سعداء أن يحكم بلدنا بمنطق القرن السادس الهجري ونحن نعيش في القرن السادس عشر، وتحيا الجزائر المريضة رئيسا ومؤسسات وشعبا.!