أعلن رجل الأعمال سليم عثماني استقالته من منتدى رؤساء المؤسسات، على خلفية اتخاذ قرار مساندة الرئيس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية القادمة. وتسود هذا الفضاء الذي يعد الأكبر في عالم المال والأعمال بالجزائر، حالة تململ كبيرة عقب هذا القرار الذي لم يرتح له عدد من رجال الأعمال المنخرطين في المنتدى. وعلل سليم عثماني، وهو الرئيس المدير العام لمجمع رويبة، في رسالة حصلت ”الخبر” عليها، استقالته ب”عدم احترام رئيس منتدى المؤسسات رضا حمياني للأعضاء وللقانون الداخلي لهذه الهيئة، التي كانت تستحق معاملة أفضل من مجزرة الدعم الانتخابي”. وكان منتدى رؤساء المؤسسات قد أعلن يوم الخميس الماضي مساندته للمترشح عبد العزيز بوتفليقة. وأوضح عثماني مخاطبا حمياني ”أريد أن أوضح أن خطوتي هذه وخلافا لما قد تعتقدونه، لا تبحث في أي حال من الأحوال، تشكيل جبهة معارضة في وجه أي مرشح بعينه. هذا ينطلق فقط من الحقل الضيق لآرائي الشخصية ولا يلزم إلا شخصي فقط”، في إشارة إلى أن عدم معارضته ليست موجهة ضد بوتفليقة بقدر ما هي ضد استغلال المنتدى لدواع سياسية. وأضاف عثماني أن هذه الاستقالة هي ”مسألة مبدأ فقط والتي لم تقوموا بصفتكم رئيسا للمنتدى باحترامها. إن خيبتي اتجاهكم واتجاه المنتدى كانت كبيرة، ولكن التزامي كرئيس مؤسسة سيتعزز أكثر بعد هذا القرار”. وختم رسالته قائلا: ”إن طرقنا ستتقاطع حتما، وسأواصل إسداء الاحترام لكم من باب تربيتي التي تفرض عليّ ذلك. في نفس الوقت مغامرتي داخل المنتدى ستتوقف هنا”. وفي نفس السياق، يتم تداول أخبار داخل المنتدى عن رجال أعمال دفعوا تبرعات بأموال ضخمة لصالح حملة الرئيس المترشح، وقيام أحد وكلاء السيارات لوحده بمنح 60 سيارة في إطار تمويل حملة بوتفليقة، وذلك لاستعمالها في خدمة الآلة الدعائية التي تستعد لتلميع صورة المترشح عبر القنوات التي تم استحداثها خصيصا لذلك. وتطرح هذه التبرعات شبهات حول وجود عملية تضارب مصالح كبرى، خاصة أن المعطيات الموجودة تؤكد أن القروض التي استفاد منها 40 رجل أعمال من البنوك العمومية في السنوات الأخيرة، تصل إلى 400 مليار دينار، وقد نال حصة الأسد منها 10 من رجال الأموال معروفين بولائهم المطلق للرئيس بوتفليقة. السنتيم سينافس الدولار في سوق الحملة الانتخابية! هل يمكن لمترشح يتكئ على وسادة تكتنز في باطنها 14 مليار دولار أن يهزم في الانتخابات؟ هذا حال المترشح عبد العزيز بوتفليقة الذي آثر كبار رجال المال والأعمال مساندته في الرئاسيات المقبلة، ما يجعله أكثر المترشحين قدرة على توظيف المال في انتخابات سيكون بقية منافسيه فيها مجبرين على تدبر أمرهم فيها بالتقاط تبرعات المتعاطفين معهم. وبتبني منتدى رؤساء المؤسسات، وباقي منظمات الباترونا دعم الرئيس المترشح، يكون هؤلاء قد اختاروا الوقوف طرفا في الانتخابات الرئاسية، مقدمين وفق مراقبين صورة قوية عن مدى ارتباط المال بالسياسة في الجزائر، حيث تتقاطع مصالح البعض بمصالح البعض الآخر، في انسجام تام، تسقط معه تماما إمكانية توفر نفس الحظوظ أمام ”الفرسان” الداخلين للسباق، كما يصفهم الإعلام الرسمي في الجزائر. بيد أن قرار منتدى رؤساء المؤسسات لم يكن محل إجماع بين أعضائه، فقد صرح أحد أعضائه ل”الخبر” رافضا ذكر اسمه ”أشعر بالعار لهذا القرار الذي لا يلزمني، وأطلب من الشعب الجزائري أن يسامحنا”. كما أن عددا من قياديي المنتدى كانت تبدو على وجوههم علامات الراحة والاقتناع، عند فصل الجمعية العامة الاستثنائية يوم الخميس الماضي، حيث غادروا قاعة الأوراسي، على غير عادتهم، دون الإدلاء بتصريحات. ونظريا، يرعى منتدى رؤساء المؤسسات الذي يرأسه رضا حمياني، رجل الأعمال والوزير السابق للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مصالح كبرى، يقدرها الموقع الإلكتروني لهذا الفضاء ب14 مليار دولار، علما أن هذا الرقم ليس محيّنا بتاريخ اليوم، كما يوفر المنتدى الذي يضم 499 مؤسسة حوالي 104592 منصب شغل دائم في مختلف الميادين، مثل الصناعات الغذائية والتعدين ومواد البناء والصناعات الكهربائية والإلكترونية، فضلا عن مناصب الشغل المؤقتة التي لا يعرف عددها أحد. هذه المعطيات ستجعل من دعم منتدى رؤساء المؤسسات قوة مالية لا يمكن منافستها في الجانب اللوجستي للحملة، إلى جانب كونها قوة عمالية قد تتحول إلى أصوات لصالح الرئيس المترشح، وذلك على الرغم من تحديد القانون العضوي للانتخابات، مصروفات الحملة الانتخابية ب6 ملايير سنتيم فقط.