ورد لفظ (الفتح) في القرآن الكريم في ثمانية وثلاثين موضعًا، جاء في عشرين موضعًا بصيغة الفعل، من ذلك قوله عزّ وجلّ: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبضيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} الأعراف:89، وجاء في ثمانية عشر موضعًا بصيغة الاسم، من ذلك قوله عزّ وجلّ: {فَعَسَى اللّه أَنْ يَأْتِي بِالْفَتْحِ} المائدة:52. وفي القرآن الكريم سورة برأسها اسمها سورة الفتح. ولفظ (الفتح) جاء في القرآن الكريم على خمسة معان رئيسية: الأوّل بمعنى الفتح المادي، من ذلك قوله سبحانه في حقّ أصحاب النّار: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الزُّمَر:71، أي: فُتحت أبواب النّار ليدخل منها الكافرون والعاصون. الثاني بمعنى القضاء والحكم، من ذلك قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} الفتح:1، قال الطبري: إنّا حكمنا لك يا محمّد حكمًا لمَن سمعه، أو بلَّغه على مَن خالفك وناصبك من كفّار قومك، وقضينا لك عليهم بالنّصر والظفر. الثالث بمعنى النّصر، من ذلك قوله تبارك وتعالى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللّه} النِّساء:141، أي: نصرٌ وتأييد وظُفرٌ. الرّابع بمعنى الإرسال، من ذلك قوله عزّ وجلّ: {مَا يَفْتَحِ اللّه لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} فاطر:2، أي: ما يرسل اللّه للنّاس من رزق وخير، والدّليل هنا على أنّ (الفتح) بمعنى (الإرسال) قوله سبحانه في الآية نفسها: {وَمَا يُمْسِك فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} فطر:2، فمعنى (الإرسال) هنا مستفاد من السياق. والخامس بمعنى فتح مكة خاصة، من ذلك قوله تعالى: {فَعَسَى اللّه أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} المائدة:52، المراد هنا فتح مكة. والمُتتبِّع لمساقات لفظ (الفتح) في القرآن الكريم يجد أنّ هذا اللّفظ جاء على معنيين رئيسين: الفتح المادي، وهو الأصل في معنى الفتح لغة، والفتح المعنوي، وأكثر ما جاء هذا اللّفظ بحسب هذا المعنى الأخير، وجاء بدرجة أقل بمعنى الفتح المادي. أنشر على