لم يتردد أمس الجمعة بعض السكان في وصف غرداية بغزة الجريحة للدلالة على تأثير العنف الذي تجدد منذ أول أمس في هذه الولاية، ثم تحول ليلة الخميس إلى الجمعة إلى عمليات حرق واسعة النطاق استهدفت البيوت والمحلات التجارية، وتحطيم كل ما يمكن أن تصل إليه يد جماعات الملثمين. طالب ضحايا أعمال العنف في غرداية بمحاسبة الوزير الأول عبد المالك سلال عن الوضع في غرداية، وقالوا في بيان موجه للرئيس بوتفليقة ”لا بد لنا أن نعرف المسؤول عن قرار سحب الوصاية على الأمن في غرداية من الجيش ثم قرار رفض محاسبة المسؤولين عن الأمن في الولاية في السنوات الأخيرة”، وجددوا المطالبة بالتحقيق مع المسؤولين عن الأمن في الولاية واتهموهم بالتقصير. وعلى صعيد ميداني، أسفرت موجة العنف الجديدة عن إصابة العشرات بجروح وتوقيف 8 أشخاص وحجز 7 دراجات نارية وأسلحة بيضاء واضطرار المئات أو ربما الآلاف من السكان للإفطار بسبب كثافة الغاز المسيل للدموع الذي استعمل لوقف العنف، وأكثر من 40 بيتا محروقا في محيط ساحة العقيد لطفي، وشملت عين لوبو وأجزاء من حي بابا سعد و7 محلات تجارية، وسط تبادل الاتهامات بين طرفي النزاع من عرب وميزابيين من جهة، والطرفان يتهمان الدرك هذه المرة بعدم توفير الحماية للآمنين. وقال مصدر أمني إن هذه الحصيلة الأولية للعنف الذي بدأ منذ صباح يوم الخميس مرشحة للارتفاع بسبب تزايد مستوى الاحتقان في الشارع، وقد فرض المشاركون في المصادمات على قوات الأمن أسوأ سيناريو يمكن تصوره وهو تنفيذ مطاردات تحت حرارة تفوق 50 درجة مئوية. وتعالت صرخات استغاثة الأسر التي أرغمت على مغادرة بيوتها بعد أن تم حرقها على مرأى ومسمع من أصحابها من طرف مجموعات ملثمين، وقال مواطنون إنهم عاشوا جحيما حقيقيا مباشرة بعد نهاية صلاة التراويح. وتكرر السيناريو نفسه هذه المرة، حيث وجه طرفا النزاع أصابع الاتهام هذه المرة لقوات الدرك الوطني واتهموها بالتقاعس وعدم تنفيذ واجباتها القانونية لحماية الآمنين في البيوت وحماية الأشخاص من الاعتداء، بينما يقول عناصر من القوة الميدانية للدرك الوطني ”لقد تعرضنا لكل أشكل العنف، وتعرضنا للرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة والزيت الساخن”. وبدأت دوامة العنف الجديدة بعد الإعلان عن وفاة أوجانة حسين الذي قالت مصالح الأمن إنها كانت بسبب حادث مرور، بينما يصر نشطاء ميزابيون بأن الحادثة عمل مدبر. وتشهد مدينة غرداية منذ يوم 21 ديسمبر 2013 أعمال عنف طائفية حصدت أرواح ما لا يقل عن 11 شخصا، وخلفت أكثر من 70 مصابا بإعاقة أغلبها عاهات مستديمة في العيون بسبب استعمال السلاح الأبيض، وحرق وتخريب 1000 ما بين محل تجاري ومنزل سكني.